وقال أحمد بن مدبر: حبسني محمدُ بن الزيَّات، وحبس سليمان بن وَهْب وأحمد بن إسرائيل على ما قال، فقال لي سليمان يومًا: يا أحمد، رأيت البارحة في منامي قائلًا يقول: يموت الواثقُ بعد ثلاثين ليلةً، فعجبتُ، فلمَّا كان يوم الثلاثين قال لي: يا أحمد جاء الأجل، فلمَّا كان في الليل، إذا الباب يُدَقُّ دقًّا شديدًا وقائلًا يقول: ماتَ الواثقُ، فقال أحمد بن إسرائيل: قوموا بنا إلى منازلنا، فقال سليمان بن وهب: كيف نمشي مع بعد المنازل، ولكن نبعثُ من يأتينا بدوابنا، فاغتاظ أحمد بن إسرائيل وقال: نعم، حتى يأتي خليفةٌ آخر، قم بنا عافاك الله، فكاني بالخليفة الذي يأتي يقول: في الحبس جماعةٌ من الكتاب يبقوا حتى يُنْظَرَ في أمرهم، فأسرعنا المشي، وقصدنَا غيرَ منازلنا، واستترنا، فقيل: استوزرَ الخليفة محمد بن عبد الملك، فكتبنَا إليه ورقةً نعرِّفهُ بحالنا، ونستأذنه ما نفعل، فكتب على ظهرها: استخفيتم، وليس فيكم إلا من تخصُّه عنايتي، ورأي فيه جميل، فاظهروا جميعًا، فظهرنا، وقصدناه فطيَّبَ قلوبَنا، وخلع على سليمان بن وهب دوننا (?).
* * *