فقلت لها: يا جارية، أَعيدي عليَّ شِعرَك، فقالت: أسمعتَ ذلك مني؟ فأعدتُ (?) شِعرها عن آخره، فقامت تنفض ثيابَها وتقول: إنْ كان حقًّا في عبادك أصمعيٌّ فهو هذا.

ومررتُ بأعرابيَّة عند قبرٍ وهي تقول: [من الطويل]

فإن تسألاني فيمَ حُزْني فإنَّني ... رهينةُ هذا القبر يا فتيانِ

عزيز عليَّ أن أراه كما ترى ... عزيزٌ عليه بعضُ ما تريان

وإني لأستحييه والتُّرب بيننا ... كما كنتُ أستحييه وهو يراني (?)

وقال الأصمعيّ: وقع طاعونٌ بالبصرة، فخرج رجلٌ من أهلها على حمارٍ ومعه أهلُه وولدُه، وخلفه عبدٌ حبشيٌّ يمشي ويسوق الحمارَ ويرتجز:

لن يُسبقَ اللهُ على حمارِ ... ولا على ذي مَيعةٍ مُطَارِ (?)

قد يصبح اللهُ أمامَ الساري

فلما سمع الرجل قولَ العبد، رجع بأهله وولدِه.

وركب الأصمعيُّ يومًا حمارًا دميمًا، فقيل له: بعد مراكبِ الخلفاءِ تركب هذا! فقال متمثِّلًا: [من الطويل]

ولمّا أبتْ إلَّا انصرافًا (?) بودِّها (?) ... وتكديرِها الشِّربَ الذي كان صافيا (?)

شَرِبنا برَنْقٍ (?) من هواها مكدَّرٍ ... وليس يَعاف الرَّنْقَ من كان صاديا

ثم قال: ركوبُ هذا مع سلامة ديني أحبُّ إليَّ من ركوب تلك وتذهب آخرتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015