وقال مجاهد: كانوا يتعلمون السحر بقرية من أرض مصر يقال لها: الفَرَما، كما يتعلم الصبيان الكتابة في الكُتّاب، وأن الذين يعلمونهم رجلان من أهل نِينَوى.

وقال الكلبي: لما قالت السحَرة لفرعون {أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ} [لشعراء: 41] أي: جُعْلًا {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الشعراء: 42] أي: عندي في المنزلة، وأول من يدخل وآخر من يخرج، قال: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} أي: أفزعوهم {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 116] وهو ما ذكرنا {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ} لما تلقفت العصا ما جاؤوا به {وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} [الأعراف: 119] أي: ذليلين مقهورين {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الأعراف: 120] حيث تيقَّنوا أنه أمرٌ سماويٌّ وليس بسحر، فحينئذٍ قالوا: {لَا ضَيْرَ} [الشعراء: 50] أي: لا ضرر.

واختلفوا في الذين آمنوا من السحرة: قال مجاهد: إنما آمن رؤساؤهم السبعة، وقال قوم: إنما آمن الكلُّ، وهو الأظهر، لأن الله ذكرهم بالألف واللام، وهما للاستغراق.

وقال مقاتل: ولما غُلِبَتِ السحرة قال الملأ - وهم الأشراف - لفرعون: {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} [الأعراف: 127] فلا يَعْبُدك ولا يَعْبُدُها. قال ابن عباس: كان لفرعون بقرةٌ يعبدها. وقال الحسن: كان مع ادِّعائه الربوبية يعبد تيسًا، وقيل: صنمًا.

فصل في تعذيبه لبني إسرائيل

قال فرعون: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} للخدمة {وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127] أي: غالبون. وبلغ موسى، فقال لقومه: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ} يعني أرض مصر {يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] بالنصر في الدنيا، والجنة في الآخرة.

وقال مجاهد: لما آمنت السحرة اتبع موسى ست مئة ألف من بني إسرائيل، فجار عليهم فرعون، فشكوا إلى موسى فقالوا: {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا} بقتل الأبناء، واستخدام النساء {وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} [الأعراف: 129] بحَنَق فرعون علينا، وإعادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015