البغلِ الذي تحتك. ومشى معه إلى الجسر وعنده الأَعوان، فالتفت شريكٌ إليهم فقال: خذوا هذا فاحبسوه، وإنْ أطلقتموه لأُخبرنَّ صاحب الشُّرطة عبد الله بن مالك، فحبسوه، وقال له رجلٌ منهم: إن هذا تعلَّق بالأمس بالقاضي سلمةَ الأحمر فادَّعى عليه بأربع مئة درهم وأخذها، فقال: احتفظوا به. وأقام في الحبس مدَّة، فأرسل عبد الله صاحبُ الشرطة إلى شريكٍ يقول له: كم تحبس هذا الرَّجل؟ فقال: حتَّى يؤدِّيَ إلى سلمةَ أربع مئةِ درهم. فردَّها على سلمة، فجاء سلمةُ إلى شريكٍ يشكره، فقال له: يَا ضعيف! كلُّ مَن سألك مالك أعطيتَه إيَّاه؟ !
ابن قيس بن عافيةَ بن شدَّاد بن ثُمامة بن سَلَمة بن كعب بن أَوْد بن صَعْب بن سَعد العشيرة، الكوفيُّ، الأَودي (?).
كان من أصحاب أبي حنيفةَ الذين يجالسونه، وكان الذين يذاكرون أَبا حنيفةَ جماعة، فإذا خاضوا في مسألةٍ وعافيةُ حاضر ووافقهم، أَمضَوها، وإنْ كان غائبًا، يقول أبو حنيفة: لا ترفعوها حتَّى يحضرَ عافية، فإذا حضر فإنْ وافقهم أَثبتوها، وإنْ خالفهم يقول أبو حنيفة: لا تُثبتوها.
وقال ابن الأَعرابي: خاصم أبو دُلامَة رجلًا إلى عافيةَ في حكومة، فلم يتَّضح لعافيةَ فيها الحكم، فأقام سنةً يتأنَّى فيها، فقال أبو دُلامة: [من المتقارب]
لقد خاصمَتْني دهاةُ الرِّجال ... وخاصمتُها سنةً وافيه
فما أدحض اللهُ لي حُجَّة ... وما غيَّب (?) اللهُ لي قافيه
ومَن خفتُ من جَوره في القضا ... فلستُ أخافك يَا عافيه
وبلغ عافيةَ، فقال لأبي دلامة: هجوتَني لأشكونَّك إلى أمير المُؤْمنين، فقال له: لَئن شكوتني لَيعزلنَّك، قال: ولِم؟ قال: لأنَّك لا تعرف الهجوَ من المدح.