قال محمَّد بن عمر: سمعتُ مالكَ بن أنس يقول: قد يكونُ الحملُ ثلاثَ سنين، وقد حُمِل ببعض النَّاس ثلاثَ سنين، يعني نفسه (?).
ذكر صفته:
كان طويلًا عظيمَ الهامة، أصلع أبيضَ الرأس واللحية، شديد البياض إلى الشُّقرة، وكان لباسُه الثياب العدنيَّة الجياد، وكان يكرهُ حلق الشارب، ويراه من المُثَل، وكان نقش خاتمه: حسبي الله ونعم الوكيل، فقيل له في ذلك، فقال: سمعتُ الله يقول عقيب هذه الآية: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} [آل عمران: 174].
وكان يتختَّم في يساره، ويحوِّلُه إلى يمينه حين يتوضأ من الغائط والبول، وكان فصُّه حجرًا أسود، ونقشُّه سطران.
وكان إذا دخلَ بيتَه أدخل رجلَه وقال: ما شاء الله، فقيل له في ذلك فقال: سمعت الله يقول: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 39] وجنته بيته.
وقال: ما أفتيتُ حتَّى شهدَ لي سبعون أنِّي أهلٌ لذلك، منهم ربيعة ويحيى بن سعيد (?)، قيل: فلو نهوك، قال: كنتُ أنتهي، لا ينبغي للرجل أنْ يرى نفسَه أهلًا لشيءٍ حتَّى يسألَ من هو أعلم منه.
وقال معن بن عيسى: كان مالك إذا أَرادَ أن يحدِّثَ بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اغتسلَ وتبخَّرَ وتطيَّبَ، فإذا رفعَ أحدٌ صوتَه عنده قال: اغضض من صوتك؛ فإنَّ الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] , فمن رفعَ صوتَه عند حديث النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فكأنمَّا رفعَ صوتَه فوق صوتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقال ابن مهدي: سأل رجلٌ مالكًا عن مسألة، فقال: لا أحسنُها، فقال الرَّجل: قد ضَرَبْتُ إليك من كذا وكذا لأسألكَ عنها، فقال مالك: إذا رجعتَ إلى أهلك ومكانك فأخبرهم أنِّي قد قلتُ لك: ما أحسنُها.
وقال عبد الله بن المبارك: ما رأيتُ رجلًا ارتفعَ مثل مالك بن أنس، ليس له كثيرُ صلاةٍ ولا صيام، إلَّا أن يكون له سريرة (?) صالحة.