فيها لَمَّا عاد الفضلُ بن يحيى من خراسان ولَّى هارونُ خراسان منصورَ بن يزيد بن منصور الحميري.
وعزل هارون محمدَ بن خالد بن بَرْمك عن حجابته، وقلَّدها الفضل بن الرَّبيع.
وفيها رجع الوليد الشاري من إرمينية إلى الجزيرة، واشتدت شوكته، وكَثُر تبعُه، ومال النَّاس إليه، وخافَ هارون منه، وجهَّز إليه الجيوشَ مع يزيد بن مزيد الشيباني، وتقاتلا، فبيَّتهُ يزيد على غرَّةٍ فقتلَه وقتلَ معظم أصحابه، وانهزم الباقون، وكان الوليد من الزهَّاد شجاعًا جوادًا، فقالت أخته الفارعة ترثيه -وقيل اسمها ليلى-: [من الطَّويل]
أيا شجرَ الخابور ما لك مُورقًا ... كأنَّك لم تجزعْ على ابنِ طريفِ
فتًى لا يحبُّ الزادَ إلَّا من التُّقَى ... ولا المالَ إلَّا من قنًا وسيوفِ
خفيفٌ على ظهر الجواد إذا غدا ... وليسَ على أعدائِه بخفيفِ (?)
وكان هارون قد خاف منه خوفًا شديدًا، ونذرَ إن نجَّاه اللهُ منه أن يعتمرَ في تلك السنة، فاعتمرَ في شهر رمضان شكرًا لله تعالى، فلمَّا قَضى عمرتَه انصرفَ إلى المدينة فأقام بها إلى زمان الحجّ، وفرَّق في الحرمين أموالًا، ثم حجَّ بالناسِ وخرج ماشيًا من مكَّة إلى منى وعرفات، ونسكَ المناسك كلَّها ماشيًا.
ابن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث (?) بن غَيمَان بن خُثَيل بن عمرو بن الحارث، وهو ذو أصبح بن حِمير، وعِدادُه في بني تَيم بن مُرَّة من قريش إلى عبد الرَّحْمَن بن عثمان بن عبيد الله التَّيميّ، وكنيتُه أبو عبد الله، إمامُ دار الهجرة، من الطَّبقة السادسة من أهل المدينة.