فيها سار الفضل بن يحيى بن خالد إلى خراسان عاملًا عليها لهارون، فأحسنَ السيرةَ بها، وبَنى المساجدَ والرِّباطات، وغزا ما وراء النهر، وخرجَ معه جماعةٌ منهم مروان بن أبي حفصة، ومدحَه بمقطَّعاتٍ منها: [من الطَّويل]
ألم ترَ أنَّ الجود من عهد آدمٍ ... تحدَّرَ حتى صارَ في راحةِ الفضلِ
إذا ما أبو العباسِ راحتْ سماؤُه ... فيا لك من هَطْلٍ ويا لكَ من وَبْلِ (?)
قال مروان: فاستفدتُ في سفرتي هذه سبع مئة أَلْف درهم (?).
وخرج معه إبراهيم بن جبريل فولَّاه سِجستان، فجبى من الخراج أربعةَ آلاف أَلْف درهم، وعزلَها إبراهيمُ في ناحيةٍ من داره، وعملَ للفضل دعوةً عظيمة، وقدم له هدايا وألطافًا لم يقدِّمها غيرُه، فقال له الفضل: لم آتك لأسلبك نعمتك، وردَ الجميع، ولم يأخذ غيرَ سوط، وقال: هذا من آلةِ الفرسان، فقال إبراهيم: هذا مالُ الخراج، يأمرُ الأميرُ من يحمله، وكان أربعة آلاف أَلْف درهم, فقال الفضل: أما لكَ بيتٌ يسعُه؟ فأعطاهُ إيّاه.
ولما وصل الفضلُ بغداد استقبلَه الرشيد وبنو هاشم، فجعل يصل للرجل بألف أَلْف وأكثر، وبخمس مئة أَلْف (?).
* * *