بالدواة فشجَّه، فسال الدمُ على وجهه، فقال محمَّد: دمُه حرام، دمُه حرام، فرمَى بالكتاب إلى الحسن بن زياد، فنظرَ فيه وقال بصوت خَفيّ: أمانٌ صحيح، ودخلَ أبو البختري القاضي، فرمى إليه هارون بالكتاب، فنظرَ فيه، وقال: ليس هذا بأمانٍ صحيح، ودمُ هذا حلال، فاقتله ودمُه في عنقي، فصاح الطالبيُّ: يَا هارون، يقول لك محمَّد والحسن، وهما عالما الدنيا: هذا أمان صحيح، ولا تقبلُ منهما، ويقول لك هذا الفاسق الكذَّاب المدَّعي نسبًا لم يقره أبوه عليه وتسمعُ منه؟ ! وأمر هارون بقتل الطالبيِّ فقتل، وقام محمدٌ فخرج، قال الحسن بن زياد: فجعلَ يبكي في الطريق وينتحب، فقلت: أتبكي من الشجَّة؟ فقال: لا والله، بل على قربي منهم وتقصيري في حقِّ الطالبيّ، وحيث لم أحقق في الحال فيه مع أبي البختري، قال: فقلت: لقد قمتَ مقامًا لم يقم أحدٌ على وجه الأرض أشرفَ منه.
وقال ابن سعد: يحيى (?) رجعَ إلى المدينة، ومات بها، وأمه قُرَيبة بنت ركيح (?) بن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطَّلب بن أسد، فولدَ يحيى محمدًا، وأمُّهُ خديجة بنت إبراهيم بن طلحة بن عمر بن عبيد (?) الله بن معمر.
* * *