وما قبَّلنا صليبًا ولا شددنا زنارًا، ومن قبل أن يُقْذَف بنا في بطون أمهاتنا وأصلابِ آبائنا اعترفنَا لك بالتوحيد؟ ثم قرأتُ: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} فصاحت: وأين شفيعُ الكلِّ عنهم؟ ثم غُشي عليها، فلمَّا أفاقت قالت: اقرأ، فقرأت: {يَطُوفُ عَلَيهِمْ ولْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)} فقالت: أي وحياتك، تعبُوا قليلا، واستراحوا طويلًا، ثمَّ بكَتْ وقالت: يَا سيدي الصغير, ألكَ حاجةٌ إلى سيِّدي الكبير؟ قلت: لا تفعلي، ودعيني أتلذَّذُ بخدمتك، فقالت: لا بدّ، قد اشتقتُ إليه، ثم مدَّت يديها ورجليها واستقبلَت القبلة وماتت.

وتوفِّي صالحٌ سنة ست وسبعين، وقيل: اثنتين وسبعين ومئة.

أسند عن الحسن وابن سيرين وغيرهما، وخلق كثيرٍ من التَّابعين، ورَوى عنه عفَّان بن مسلم، واتفقوا على زهده وورعه وصلاحه.

وكان صالح مولًى لامرأةٍ من بني مُرَّة، فأعتقته، وكان حسن الصوت بالقراءة، واسم أم صالح ميمونة، خراسانية (?).

يحيى بن عبد الله

ابن حسن بن حسن بن عليّ - عليه السلام -، من الطبقةِ الخامسة من أهل المدينة.

قال محمَّد بن سماعة: بعث الرشيدُ إلى محمَّد بن الحسن والحسن بن زياد، فدخلا عليه، وأتي برجلٍ من آل أبي طالب يقال له: يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن، وأحضرَ السيفَ والنِّطعَ، والطالبيُّ يناشدُه الله ويقول: أينَ أمانُكَ؟ فأمرَ بدفع كتابه إلى محمَّد بن الحسن، فتأمَّله وقال: أمانٌ صحيح -يرفَعُ بها صوته- ودَمُ هذا الرَّجل حرام، فتغيَّر وجهُ هارون وقال: هذا أمانٌ لم أكتبه، وإنما أمرتُ من كتبه، وأنت تقول: إذا أمرَ إنسانٌ إنسانًا أن يَكتبَ كتابًا لم يلزمه حتَّى يكتبَه بنفسه، فقال محمَّد: إذا كان الأمرُ من العامَّة فنعم، وإن كان من الخاصَّة لزمَه ويحنث؛ لأنَّ كتابَ السلطان هو ما كُتِبَ بأمره، فقال له هارون: إنَّما يقوِّي هذا وأمثاله في الخروج علينا أَنْتَ وأمثالُك، ثم رَمى محمدًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015