فأتَوْا بلادَ النُّوبة (?) ومعهم أمُّ الحكم بنت عبيد الله (?)، فأنزلهم ملكُ النُّوبة، وأكرمهم، وأقام بهم، وأجرى عليهم ما يُصلحهم، فقالوا: نريد اليمن. فنهاهم وقال: بين أيديكم بلاد السودان (?)، وهم عدد كثير، ولا آمنهم عليكم، فأقيموا عندي. فأبَوْا، وخرجوا من عنده.

واعترضهم السودان، فلم يقتلوهم، ولكن منعوهم الماء حتى باعوهم القِرْبَةَ بخمسين دينارًا (?)، فأخذوا منهم مالًا عظيمًا، ثم أطلقوهم، فساروا، فاعتَرَضَ لهم جبلٌ بين طريقين، فسلك عبدُ الله أحدَهما ظنًّا منه أنَّ للجبل غايةً يجتمعون عندها، فلم يلتقُوا، وعرضَ لعُبيد الله عدوّ، فقتلوه وأصحابَه، وأخذُوا ابنتَه أمَّ الحكم وهي صبيَّة، وتمزَّق أصحابُه، وتقطَّعت أقدامُهم، ووافاهم عبدُ الله عليه مِقْرَمَة (?)، فكانوا كلُّهم ما بين أربعين إلى خمسين رجلًا، منهم الحجّاج بن قُتيبة بن مُسلم -ويقال له: الحَرُون- وعفَّان مولى بني سلمة (?).

ورآهم التجَّار، فعبروا إليهم في السفن، وعبروا بهم إلى المَنْدب (?)، وبعث عبدُ الله، فاشترى ابنةَ أخيه أمَّ الحكم، وخرجوا إلى مكَّة، وقد تقطَّعت أرجلُهم من المشي، ورحمهم الناس، ورقُّوا لهم، وفارقَهم الحَجَّاج من مكة.

ثم قصدُوا العراق، فخرجوا من مكة مشاةً إلى الكوفة، فغُمزَ عليهم، فأخذَهم العامل وبعثَ بهم إلى المهديّ، فحبسَ عبدَ الله، ثم أرادَ أن يُطلقه (?)، فقال له عيسى بن عليّ: إنَّ له في أعناقنا بيعةً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015