فأصبحتُ الغداةَ ألومُ نفسي ... بأمرٍ ليس في فيه خيارُ
وكنتُ كفاقئٍ عينَيهِ عمدًا ... فأصبحَ ما يضيءُ له النهارُ (?)
ثم راجعها، وماتت عنده، وأوصَتْ أن يصليَ عليها الحسن، فصلَّى والفرزدق حاضرٌ، فلما سُوَّيَ عليها قام فقال:
أخافُ وراءَ القبر إن لم يُعافِني ... أشدَّ من القبر التهابًا وأضْيَقا
إذا جاءني يومَ القيامة قائدٌ ... عنيد وسوَّاقٌ يسوقُ (?) الفرزدقَا
لقد خابَ من أولاد آدمَ مَنْ مَشَى ... إلى النار مغلولَ القِلادةِ أزْرَقَا
يُساقُ إلى نار الجحيم مُسَربَلًا ... سَرابِيلَ قَطْرانٍ لباسًا مُحَرَّقا
إذا شربوا فيها الصديدَ رأيتَهم ... يذوبون من حرِّ الحميم تمزُّقا
فبكى الحسن وقال: يا همَّام، ماذا أعدَدتَ لهذا اليوم؟ فقال: شهادةُ أن لا إله إلا الله [وأن محمدًا رسول الله] منذ ثمانين [أو سبعين] سنة، قال الحسن: قد كنتَ من أبغض الناس إليّ، وإنك اليوم لأحبُّ الناس إليّ (?).
[وفي رواية: فبكى الحسن وقال: يا همَّام، ما أعددتَ لهذا اليوم؟ فكم من مُحصَنةٍ قد قَذَفْتَها! فقال: هل لي من توبة؟ قال: نعم. فقال: أستغفر الله. فقال الحسن: نحن وإياك على الأثْر، فقال الفرزدق:
ولسنا بأبقى بعدهم (?) غير أنَّنا ... أقمنا قليلًا بعدهم وترحَّلُوا] (?)
فلما مات الفرزدق رؤي في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: نفعتني الكلمة التي راجعتُ الحسنَ فيها عند القبر (?).
[وقد ذكرنا اجتماع الحسن والفرزدق عند جنازة أبي رجاء العُطاردي وقول الفرزدق: يا أبا سعيد، يزعم الناس أنه قد اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وهو