غِيلةً، فخطب ابنتَه النَّوار رجل من قريش فبعثت إلى الفرزدق، وكانت ابنةَ عمِّه، فقالت: أنتَ أولى ألناس بي، فزوِّجْني من هذا الرجل. فقال: أشْهِدِي عليكِ أَنك [قد] فوَّضْتِ أمركِ إليَّ، وقد رضيتِ بمن أزوِّجكِ. ففعلت.
فلما اجتمع الناسُ خطب الفرزدق وقال: إن النَّوَار [قد] فوَّضَتْ أمرَها إليَّ، فاشْهدُوا أني قد تزوَّجْتُها على مئة ناقة سود الحَدَق.
وبلغها فأبت، ونافرَتْه إلى عبد الله بن الزُّبَيْر، فلما قدما مكة نزلت على زوجة عبد الله، وهي بنتُ منظور بن زبَّان، ونزل الفرزدق على حمزة بن عبد الله [بن الزبير]. فكان كما أصلح حمزة مع أبيه نهارًا أفسدَتْه بنتُ منظور ليلًا، فتحاكما إلى ابن الزبير، فحكم على الفرزدق، فقال [الفرزدق]:
أمَّا البنونَ فلم تُقبل شفاعتُهم ... وشُفِّعَتْ بنتُ منظورِ بنِ زَبَّانا
ليس الشفيعُ الذي يأتيك متَّزرًا ... مثلَ الشفيعِ الذي يأتيك عُريانا
وبلغ ابنَ الزبير، فقال للنَّوَار: هذا خبيثُ اللسان، وسيهجوني وأضربُ عنقَه، فإن أحببتِ ذلك فافعلي. فقالت: قد أجزتُ نكاحه. فزوَّجَه بها، فأقامَتْ عنده زمانًا، تارةً ترضى به، وتارةً تسخط (?).
فجاء [يومًا] إلى حلقة الحسن وقال له: يا أبا سعيد، إني قد طلَّقتُ النَّوَار ثلاثًا. ثم ندم وأتبع الثلاث نفسه (?)، فقال له الحسن: واللهِ لئن رجعتَ لأرجمنَّك بأحجارك. فمضى وهو يقول:
نَدِمتُ ندامةَ الكُسَعِيِّ (?) لمَّا ... غَدَتْ منّي مطلَّقةً نَوَارُ
وكانت جنَّتي فخرجتُ منها ... كآدمَ حين أخرجه الضِّرارُ