وقال ابن سعد: لمَّا كان يومُ الثلاثاء صبيحة سبعَ عشرة من جُمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وقد أخذَ الحجَّاجُ على ابن الزبير بالأبواب، وباتَ ابنُ الزُّبير يصلِّي عامَّةَ الليل، ثم صلَّى بالناس الفجر، وسلَّم، ثم قام، فحمد اللهَ وأثنى عليه، ثم قال: يا آلَ الزُّبير، اكشفوا وُجوهكم -وعليها المغافر- فكشفوها، فَشجَّعَهُمْ، وقوَّى عزائمهم.
وقال: ألا مَنْ كان سائلًا عني، فإنِّي في الرَّعيل الأوَّل، ثم أنشد:
أَبَى لابنِ سلمى أنَّه غيرُ خالدٍ ... ملاقي المنايا أيَّ صَرْفٍ تيمَّما
فلستُ بمبتاع الحياةِ بسُبَّةٍ ... ولا مُرْتقٍ من خشية الموتِ سُلَّما (?)
[ثم قال: ] احملُوا على بركة الله تعالى. فحمل عليهم [حتى] بلغ بهم إلى الحَجُون، ورماه رجلٌ بآجُرَّة، فوقعت في رأسه ففلقَتْه، فأُرْعِشَ لها، ودُمي وجهُه، فلمَّا وجدَ سخونةَ الدم يسيلُ على وجهه ولحيته قال متمثِّلًا يشعر الخصَين بنِ الحُمام المُرِّي:
ولسنا على الأعقاب تَدْمَى كُلُومُنا ... ولكن على أقدامنا تَقْطُرُ الدِّما
ثم تَغَاوَوْا عليه (?)، فوقع، وصاحَتْ أَمَةٌ مجنونةٌ من سطح: وا أمير المؤمنيناه! ولم يعرفوه (?)، فتكاثَرُوا عليه فقتلوه.
وقيل: جاءه سهم عائر، فوقع على ظهره، ولم يقدر على القيام، وأشارت إليه الأمة من السطح، فجاؤوا إليه، فقتلوه.
[وقال الواقدي: ] وبلغ الحجَّاجَ الخبرُ، فكبَّر هو وأصحابُه، وسجدَ الحجَّاج، فقال ابنُ عُمر - رضي الله عنه -: واللهِ إنَّ قومًا كبَّرُوا عند ولادتك خيرٌ من قومٍ كبَّرُوا عند قتلك (?).
وجاء [الحجاج] حتَّى وقف عليه ومعه طارق بن عَمرو، فقال طارق: [ما ولدت النساءُ أذكر من هذا. فقال الحجَّاج: تمدحُ مَنْ خالفَ أمير المؤمنين! فقال طارق: ] إنَّا