محاصروه منذ سبعة أشهر وهو في غير خندق ولا حصن [ولا مانع] وهو ينتصفُ منَّا، لا، بل يفضُلُ علينا كلَّما التقينا نحن وإيَّاه.
وبلَغَ عبدَ الملك، فصوَّب كلام طارق (?).
وبعث الحجَّاج برأس ابن الزبير ورأس عبد الله بن صفوان ورأس عُمارة [بن عَمرو] ابن حزم إلى المدينة، فنُصبت بها، ثم ذُهب بها إلى عبد الملك (?).
وحمل رأسَ ابنِ الزُّبير رجلٌ من مُراد (?)، أعطاه عبد الملك خمس مئة دينار.
[وقال الواقدي: ] وخرجت أسماء ومعها أكفان قد أجْمَرَتْها (?)، فحال الحجَّاجُ بينها وبين جسده؛ لأنه كان قد صَلَبَه، فقالت: قاتلَ اللهُ عبد ثَقِيف المُبِير، يحولُ بيني وبين جسد ولدي، ويمنعُني أَنْ أُواريَه (?).
وبلغَ الحجاجَ، فجاءَها فقال: كيف رأيتِ؟ نَصرَ اللهُ الحقَّ وأظهرَه. فقالت: ربَّما أُديلَ الباطلُ على الحقِّ، فقال: إن ابنَكِ أَلحدَ في الحرم، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] وقد أذاقه اللهُ ذلك. فقالت: كذبتَ، كان أوَّلَ مولود في الإسلام بالمدينة، وسُرَّ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وحنَّكه بيده، وكبَّر المسلمون لما وُلد حتَّى ارتجَّت المدينة فَرَحًا به، وكبَّرتَ أنتَ وأصحابُك لمَّا قُتل، فالذي فَرِحَ به يومَ وُلد خيرٌ منك ومن أصحابك. وكانَ -واللهِ- صَوَّامًا قَوَّامًا قارئًا لكتابِ الله تعالى، مُعَظِّمًا لحُرُمات الله، وأشهدُ لقد سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يخرج من ثَقِيف كذَّابان، الأخير منهما شرٌّ من الأوَّل، وهو مُبِير"، وهو أنت. فانكسرَ الحجَّاج وانصرف.
وبلغ عبد الملك، فكتب إليه: ما لَكَ ولابنِة الشيخ الصالح (?).