قال مصعب بن ثابت: فما مكَثَتْ بعدَه إلا عشرًا [وقيل: خمسة أيام] (?).
[قال ابن إسحاق: ] ولما تفرَّق عنه أصحابه قال الحجَّاج: يا أهل الشام قد بقيَ شيء يسير، فاحمِلُوا حملةَ رجلٍ واحد، فحملُوا عليه من جميع الأبواب، فحملَ عليهم وهو يقول:
إني إذا أعرفُ يومي أَصْبِرْ ... إذْ بعضُهم يعرفُ ثم يُنكِرْ
[فدفعهم دفعةً تراكموا منها] فوقعوا على وجوههم وانهزموا.
[وقال الواقدي: ] وكانوا إذا حمل عليهم يقولون له: يا ابنَ ذاتِ النِّطاقين؛ يعيِّرونه بذلك، وهو يقول (?):
وعَيَّرها الواشون أَني أُحِبُّها ... وتلك شَكَاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها
فإنْ اعتذرْ منها فإنِّي مُكَذَّبٌ ... وإنْ تَعتَذِرْ يُرْدَدْ عليها اعتذارُها (?)
أنا ابنُ ذات النِّطاقَين، هلمُّوا إليَّ.
ونادى أهل الشام: يا ابنَ الزُّبير، يا ابن الحواريّ. فقال ابنُ الزبير لمولى له: أَجِبهم. فقال: تعيبُون من حواريِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قالوا: يا ابنَ ذاتِ النِّطاقَين. قال: أفتعيبونها بالنِّطاق الَّذي أولت به طعامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشرابَه، أم بالنِّطاقِ الَّذي تَنْتَطِقُ به الحرَّةُ في بيتها؟ ! وقد قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لكِ بهما نطاقانِ في الجنَّة". فقالوا: يا ابنَ الزبير يا مشؤوم. فسكت مولاه، فقال: أَجِبْهُم. فقال: كيف أُجيبُهم وقد صدقوا (?).
[وأخرج البخاري عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان أهل الشام يُعَيِّرون ابنَ الزبير بذات النِّطاقين، فدخل على أسماء، فقالت: يُعَيِّرونك بالنِّطاقين، هل تدري ما النِّطاقان؟ ! وذكرت الحديث] (?).