وكتبَ عبدُ الملك إلى أخيه بِشْر: جَهِّزْ من الكوفة خمسةَ آلاف إلى خالد، واجْعَلْ عليهم رجلًا ترضاه، فإذا فرغ من هذا الوجه؛ فابْعَثْه إلى الرَّيّ.
فبعث عليهم عبدَ الرحمن بن محمد بن الأشعث، وقال بِشْر لعبد الرحمن: إذا قضيتَ غَزَاتك هذه؛ فاذهب إلى الرَّيِّ. وكتب له عَهْدَه عليها.
وخرج خالد بأهل البصرة حتَّى قدم الأهواز، وجاء عبدُ الرحمن بنُ الأشعث بأهل الكوفة، فوافاه بالأهواز، وجاء المُهَلَّب بجيشه، وجاءت الأزارقة حتَّى دنَوْا من مدينة الأهواز ومعسكرِ القوم، فقال المُهَلَّب لخالد: أرى ها هنا سُفُنًا كثيرة، فضُمَّها إليك، فما أرى القوم إلا مُحرقيها. فما لبثَ إلا ساعة حتَّى بعثوا إليها خيلًا، فأحرقتها.
ثم أقاموا أيَّامًا يقتتلون؛ نحوًا من عشرين يومًا، ثم إنَّ خالدًا زحفَ إليهم بالناس، فرأوا أمرًا هالهم من العَدَد والعُدَد، فانصرفوا على حامية (?)، وأتْبعهم خالد بن عبد الله داودَ بنَ قَحْذَم، ورجع خالد إلى البصرة، وانصرفَ عبدُ الرحمن إلى الرَّيّ، وأقام المُهَلَّبُ بالأهواز.
وكتب خالد إلى عبد الملك: إنَّا لَقِينا الأزارقة على الأهواز، فاقتتلنا أشدَّ قتال، ثم أنزلَ اللهُ نصره على المسلمين، فانهزمَ القوم، وأتبعهم داودُ بنُ قَحْذَم، واللهُ مستأصلُهم، والسلام.
وقال ابنُ قيس الرُّقَيَّات في هزيمة عبد العزيز، وفِرارِه عن امرأته:
عبدَ العزيزِ فَضَحْتَ جيشَك كلَّهمْ ... وتركتَهم صَرْعَى بكلِّ سبيلِ
من بينِ ذي عَطَشٍ يجودُ بنفسهِ ... ومُلَحَّب (?) بين الرِّجالِ قتيلِ
هلَّا صبَرْتَ مع الشهيدِ مُقاتلًا ... إذْ رُحْتَ مُنتكِثَ (?) القُوى بأصيلِ
وتركتَ جيشَكَ لا أميرَ عليهمُ ... فارْجِعْ بعارٍ في الحياةِ طويلِ