حتى احتسبَك. فتقدَّمَ، فقاتلَ بين يديه حتى قُتل. وأُثخن مصعلى بالرَّمي، وحملَ عليه زائدة بن قُدامة وهو يقول: يا ثارات المختار، فطعنَه فصرعه.
وقيل: الذي قتل مصعبًا يزيد بن هبَّار الفائشي وكان من أصحاب مصعب (?).
ونزل إليه عُبيد الله بنُ زياد بن ظَبْيان، فحزَّ رأسَه، وأتى عبدَ الملك، فأعطاه ألفَ دينار، فلم يأخذها وقال: إني لم أقتله لأجلك، وإنما قتلته على وتْرٍ صنعه بي، ولا آخُذُ على حمل رأس مالًا (?).
وكان النابي أخو عُبيد الله بن زياد بن ظَبْيان قد قُتل في أيَّام مصعب؛ كان يقطعُ الطريق، وطلبَ مصعبٌ عُبيدَ الله بنَ زياد بن ظَبْيان، فهربَ إلى عبد الملك (?).
ولمَّا وُضع رأسُ مصعب بين يدي عبد الملك بكى وقال، واللهِ ما كنتُ أصبرُ عنه ساعة واحدة حتى دخلَ السيف بيننا, ولكنَّ المُلك عقيم، ومتى تغدو النساء بمثل مصعب، ولقد كانت الحُرمة بيننا وبينه قديمة (?).
وقيل لعبد الملك: أكان مصعبٌ يشربُ الطِّلا؟ فقال: كلا والله، لو علَم مصعبٌ أنَّ الماء يُفسد مروءتَه لما شربه، رحم الله مصعبًا ورضي عنه. ثم أمر بمواراته وولده عيسى وإبراهيم بن الأشتر، فدُفنوا بمَسْكِن، وقبورهم ظاهرة تُزار (?).
ويقال: إنَّ عبد الملك سجد (?)؛ قال ابن ظَبْيان: لمَّا سجدَ هَمَمْتُ أن أعلوَه بالسيف، فأكونَ قد قتلتُ مَلِكَي العرب في ساعة واحدة، وأَرَحْتُ المسلمين منهما (?).
وقال عبد الملك لابن ظَبْيان: كيفَ رأيتَ المصعب؟ قال: رجلًا يملأُ العين شجاعةً، والقلبَ مهابةً، الرمحُ بيده، والسيف في يده الأخرى، يطعنُ بهذا، ويضرب