الحارثي: قَدِّمْ خيلَك أبا عثمان. فقال: ما أرى ذلك. قال: ولم؟ قال: أكرهُ أن يقتل واحد (?) في غير شيء. فقال لحجَّار بن أبجر: أبا أسيد، قَدِّمْ رايتَك. فأبى. ثم قال لأصحابه: تقدَّموا. فأبَوْا. فقال مصعب: يا إبراهيم ولا إبراهيم اليوم! .

ولمَّا رأى مصعب تخاذلَ القوم قال لابنه عيسى: يا بُنيّ، اركبْ إلى مكَّة أنت ومن معك إلى عمِّك، فأخْبِرْه ما صنعَ أهلُ العراق، ودعني فإني مقتول. فقال ابنُه: واللهِ لا أُخبرُ قريشًا أني فعلتُ ذلك (?)، ولكن الْحَقْ بالبصرة، فهُم على الجماعة. فقال مصعب: لا واللهِ ما الفرارُ لي بعادة، وما السيف بعار. فقال عيسى: واللهِ لا أُفارقك أبدًا.

وانهزم مَنْ كان مع مصعب حتى بقي في سبعة من خواصِّه، ومال جميعُ من كان معه من أهل العراق إلى عسكر عبد الملك، فرقَّ له عبدُ الملك وكان يحبُّه، وكان خِلًّا له قبل الخلافة، فقال عبد الملك لأخيه محمد: اذهبْ إليه فأَمِّنْه. وكان علي بن عبد الله بن العباس حاضرًا، فقال: لا تؤمِّنْه. فصاحَ به خالدُ بن يزيد بن معاوية: مالكَ يا علي ولهذا؟ ! بل نؤمِّنُه. وسبَّ عليًّا ونال منه.

فجاء محمد بن مروان، فناداه: يا مصعب، قد أمَّنَك ابنُ عمِّك على نفسك وولدِك وأهلك ومالك، فاذهب حيثُ شئتَ من البلاد، ولو أراد بك ابنُ عمك غيرَ هذا لكان. فقال مصعب: قُضيَ الأمر، إنَّ مثلي لا ينصرف عن مثل هذا الموقف إلا غالبًا أو مغلوبًا.

ولما أبي مصعبٌ قبولَ الأمان وتقدَّم عيسى بن مصعب يقاتل؛ ناداه محمد بن مروان: يا ابن أخي، لا تقتلْ نفسَك قد أمَّنَك ابنُ عمك. قال مصعب: قد أمَّنَك عمُّك، فامضِ إليه (?). فقال: والله لا تتحدَّثُ قريشٌ أني أسلمتك للقتل. فقال: تقدَّمْ بين يديّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015