ومنها:
على مثل ليلى يقتلُ المرءُ نفسَه ... وإن بات من ليلى على الحبِّ طاويا
أشوقًا ولمَّا يمضِ لي غيرُ ليلةٍ ... رُويد الهوى حتى تَغِبَّ لياليا
ومنها:
وتغيبُ ليلى ثم تزعم أنني ... سَلَوْتُ ولا يخفى على الناس ما بيا
وقد كنت أرجو الوصل ممن أحبُّهُ ... فأصبحتُ والموتُ المريحُ مسائيا
[وقال ابنَ الكلبيّ: مرَّ بجبل يقال له: التَّوْباذ (?)، كانت تسكنُه، فأنشأ يخاطبُه ويقول لما رآه:
وأُدْهشتُ (?) للتَّوْباذِ حين رأيتُهُ ... وكَبَّرَ للرحمن حين رآني
فقلتُ له أين الذين عَهدْتُهُمْ ... بجوِّكَ في عيشٍ وخفضِ زمانِ
فقال مضَوْا واستودعونيَ ذِكْرَهُمْ ... ومن ذا الذي يبقى على الحَدَثانِ
قال الراوي: وديوانه مشهور، وهو أحسنُ من المنثور. وقد طرَّز جماعة من العلماء تصانيفهم بواقعاته، وزوَّجُوا ألفاظهم بألفاظه] (?).
ورُويَ أن ليلى كانت مع أترابٍ لها في سفح جبل على عين ماء، وإذا بقيس قد أقبل في عانةٍ من الوحش (?)، كأنه غولٌ يطلبُ الماء، فلما رأينَه بين الوحش أكبَرْنَه وعجبن من أُنْسِهِ بالوحش وأُنسهم به، واستيحاشه من الإنس، فقلن لها: يا ليلى، هذا قيس، وليس معنا من يَنِمُّ عليك، والمكان خالٍ، فلو سلَّمْتِ عليه. فجاءت فوقفت على طريقه وهي تبكي عليه، وتتأسَّفُ على ما هو فيه، وكونها سببَ ذلك، فلما قربَ منها تعرَّضت له، فصرخ عليها صرخة عظيمة وقال: ابعدي عنّي في هذه الخلوة، فقد أفسدتِ عليَّ دنيايَ، ونغَّصتِ عليَّ حياتي، فلا تُفسدي عليَّ آخرتي. ثم هامَ مع الوحش.