بِه قبرُه، وعن ثلاثة لم يُخلقوا في رَحِم، وعن شيء، ونصف شيء، ولا شيء، وابْعَثْ لي فِي هذه القارورة ببزْرِ كلِّ شيء.
فدعا معاويةُ علماءَ الشام، وعرضَ عليهم الكتابَ، فلم يعرفوا ما فيه، فدعا ابنَ عباس وقال له: يا أبا العبَّاس، ما لهذا سواك.
فأخذ الكتاب، فقلَبَه، وكتبَ خلفَه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أمَّا الَّذي لا قَبْلَ له فاللهُ تعالى (?)، وأمَّا الَّذي لا عشيرة له فآدم، وأمَّا الَّذي لا أبَ له فعيسى، وأمَّا من سارَ به قبرُه فيونُس.
وأمَّا الثلاثةُ الذين لم يُخلقوا فِي رحم: فكبشُ إبراهيم، وناقةُ صالح، وحيَّةُ موسى.
وأما عن شيء: فالشيء: الرجل العاقلُ يعملُ بعقله، وأمَّا نصفُ الشيء: فالذي له عقل ويعملُ برأي غيره، وأمَّا الَّذي لا شيء: فالذي لا عقلَ له ولا يعمل بعقل غيره.
وملأ القارورة ماءً وبعث بها إليه وقال: هذا بِزْرُ كلِّ شيء.
فلما وقف ملك الروم على كتابه قال: ما خرج هذا إلَّا من بيت النبوة (?).
قال المصنّف رحمه الله: كان ابنُ عبَّاس يُفتي بالمتعة -ولعلَّه ما بلغه التحريم- ثم رجع عنها.
وسببُه: ما رواه الزُّهريُّ عن سعيدِ بن جُبير قال: قلتُ له: يا أبا العباس، قد أكثرتَ فِي المتعة حتَّى سارت الرُّكبان بقول القائل:
أقولُ وقد طال الثَّواء بنا معًا ... يا صاحِ هَلْ لك فِي فتوى ابنِ عبَّاسِ
فِي بَضَّةٍ رَخْصَةِ الأطرافِ آنسةٍ ... تكونُ مثواكَ حتَّى مرجعِ (?) الناسِ
فقال: أَوَقَدْ قالُوها؟ ! قلت: نعم. فخطب وقال: أيُّها الناس، إنَّ المتعةَ حرامٌ؛ كالميتة والدَّمِ ولحم الخنزير (?).