قال: فتشزَّن (?) ابن عباس، وحمد الله وأثنى عليه، وصلَّى على رسوله، ثم قال: أما بعد، يا معاوية، فقد كان أبي وأبوك متعارضين، لكن أبي نصر أباك فِي الجاهلية، وحقن دمه فِي الإسلام.
وأما استعمال أمير المؤمنين إيَّانا؛ فإنه استعملنا لنفسه دون هواه، وأنت استعملتَ رجالًا لهواك دون نفسك، منهم ابنُ الحضرمي، فأُحرقَ بالبصرة، وبُسْر بن أبي أرطاة على اليمن، فسبى المسلمات، وسفكَ الدمَ الحرام وخان، وولَّيتَ ابنَ عامر البصرة، فاقتطع أموال المسلمين، والمغيرةَ الكوفة، ففعل ما فعل، والضحاك بن قيس، فخان وحُصِبَ بالكوفة.
وأما قولك: تطلب الَّذي عندنا، فما أنت وذاك؟ تلك حقوق أذن لنا أمير المؤمنين فِي قبضها، وأنت عن الحق بمعزل، ولو قادك الشَّره إليها لدفعناها إليك، ووقينا بها أعراضَنا.
وأما [ما] يبلغُك عنَّا؛ فليس بأعظم مما بلَغَنَا عنك، ولو وُضع أصغر ذنوبكم إلينا على ألف حسنة لمحاها، ولو وُضع أدنى عذرنا إليكم على ألف سيئة لمحاها (?).
وأما عثمان؛ فأنت ألومُ به منّا، وقد تربَّصتَ عليه، وتأخّرتَ عن نُصرته؛ مع قدرتك وعجزنا.
وأما يوم الجمل؛ فإنما قتلنا من نَصَركم عن الحقّ ليرجع إليه.
وأما حربنا إيّاك فِي صفّين؛ فعلى تركك الحق، وتماديك فِي الباطل.
وأما إغراؤك إيانا بِتَيْم وعديّ؛ فلو كنّا أردناها ما غلبونا عليها. ثم قام وخرج.
فعجب الناس من جوابه.
وقال هشام بن محمد: ] (?) قدم ابنُ عبَّاس على معاوية، فجاءه كتاب ملك الروم يقول له: أخبرني عمَّن لا قَبْلَ له (?)، وعمَّن لا عشيرةَ له، وعمَّن لا أبَ له، وعمَّن سارَ