عليَّ قليلًا. فأمرَ المؤذِّنين فكفَّوا عن الإقامة حتى فرغت من طوافها، وجعل الناس يصيحون: الصلاة، الصلاة.
وبلغ عبدَ الملك، فكتب إليه: ويحك! أتركتَ الصلاةَ لأجل بنتِ طلحة؟ ! فقال: واللهِ لو لم تقضِ طوافَها إلى طلوع الشمس لَمَا كبَّرتُ. فعزله عبدُ الملك، فقال: ما أهونَ غضبَه عليَّ وعَزْلَه إذا رضيَتْ بنتُ طلحة.
فقدم على عبد الملك، فأقام ببابه شهرًا لم يصل إليه، وجفاه عبد الملك، فانصرف وقال:
عطفتُ عليك النفسَ حتى كأنَّما ... بكفَّيكَ بؤْسي أو لديكَ نَعِيمُها
فما بي وإن أقْصَيتَني من ضَراعةٍ ... ولا افْتَقَرَتْ نفسي إلى مَنْ يَسُومُها (?)
ولما ماتَ عمر بن عُبيد الله (?) التَّيمي عن عائشة قيل للحارث: ما يمنعُك الآن من تزويجها؟ فقال: كلا، لا يتحدَّت رجالات قريش أنَّ نَسِيبي بها (?) كان لشيءٍ من الباطل.
وكان الحارث قد خطبَها قبل أن تتزوَّج بمصعب بن الزُّبير، فامتنعت منه، وكانت تحبُّه، فقيل لها: أتُحبِّينَه وتمتنعينَ منه؟ ! فقالت: فيَّ عيبٌ ما أُحبّ أن يَطَّلعَ عليه ولي الدنيا (?) وما فيها. قيل: وما هو؟ قالت: سوء خُلُق.
وقيل: إنما وَرَّتْ بسوء الخلق، وإنَّما كان عيبُها كِبَر أُذنَيْها وقدميها.
وكان الحارث يُشَبِّبُ بليلى بنت أبي مُرَّة بن عروة بن مسعود الثقفيّ، وأمُّها ميمونة بنتُ أبي سفيان بن حرب.
ومن شعر الحارث في ليلى:
لقد أرسَلَتْ في السِّرِّ ليلى تلُومُني ... وتَزْعُمُني ذا مَلَّةٍ طَرِفًا (?) جَلْدا