فلو كنتُ بوَّابًا على بابِ جنَّةٍ ... لقلتُ لهَمْدان ادخُلي بسلامِ
ثم قال: اكتُبوا لها إلى العامل بالعدل والإنصاف. فقالت: ألي خاصَّة، أم لقومي عامَّة؟ فقال: وما أنتِ وقومُك؟ فقالت: إنه واللهِ لَلُؤْمٌ انفرادي عنهم، فإنْ كان عدلًا شاملًا؛ وإلَّا وَسِعَني ما وسِعَ قومي. فقال: اكتبوا لها ولقومها.
دخلَت على معاوية مُتوكّئة على عُكَّاز، فسلَّمت عليه بإمرة المؤمنين، فقال: يا عِكْرِشة، الآن صِرتُ أميرَ المؤمنين؟ ! فقالت: نعم إذْ لا أبو حسن حيّ. فقال: ألستِ المتقلِّدةَ حمائلَ السيف في صِفِّين، وأنتِ قائمةٌ بين الصَّفَّين تقولين: أيُّها الناس، إن معاوية قد دَلَفَ (?) إليكم بعُجْم العَرَب، غُلْفِ القلوب، لا يفقهون الإيمان، ولا يدرون ما الحكمة، دعاهم بالدنيا فأجابوه، واستدعاهم إلى الباطل فلبُّوه، فاللهَ اللهَ عبادَ الله في دين الله، وإياكم والتَّثبُّط (?)، فإنه ينقُضُ عُرى الإيمان، ويُطفئ نورَ الحقّ. هذه بدرٌ الصغرى، والعقبةُ الأُخرى، يا معاشرَ المهاجرين والأنصار، امْضُوا على بصيرتكم (?)، واصبرُوا على عزيمتكم، لا يضرُّكم من ضلَّ إذا اهتديتُم، ألا وإنَّ الجنة تحت ظِلال السيوف، وهذا معاويةُ قد أتاكم بأهل الشام، كالحُمُر الناهقة، وأنتم أُسُودُ الشَّرَى (?).
قال: ما الذي حملكِ على ذلك؟ فقالت: دَعْ عنكَ هذا، فقد كانت صدقاتُنا تُؤخذ من أغنيائنا، فتردُّ في فقرائنا، وقد فقدنا ذلك، فما يُجْبَرُ لنا كَسِير، ولا يُنْعَشُ لنا فقير. فأمر بردِّ صدقاتِهم فيهم (?).