أخيكِ يُنْسَى. فقالت: فات أمسِ، فخُذْ في اليوم. فقال: اذكري حاجَتَكِ. فقالت: قد أصبحتَ للناس سيِّدًا، ولأمورهم متقلِّدًا، واللهُ سائلُك عمَّا افترضَ عليك من حقِّنا، ولا تزال تُقْدِمُ علينا من يَنُوء بعزِّك، ويبطش بلسانك (?) ويحصدنا حَصْدَ السُّنْبُل، ويدوسُنا دَوْسَ البقر، ويدُقُّنا دَقَّ الحصيد، ويسومُنا الخَسِيسَة، وهذا ابنُ أرطاة (?) قدمَ بلادَنا، فقَتلَ رجالنا، واستصفى أموالنا، ولولا الطاعة لكان فينا عزٌّ ومَنَعة، فإمَّا عَزَلْتَه فشكرناك، وإمَّا تركتَه فذَمَمْناك. فقال: أتُهدِّديني بقومكِ؟ ! واللهِ لقد هممتُ أن أردَّكِ إليه على قَتَب (?) أشْرَس، فيُنْفِذَ حكمَه. فسكتَتْ وقالت:
صلَّى الإلهُ على رُوحٍ تضمَّنَها ... قبرٌ فأصبحَ فيه العَدْلُ مَدْفُونا
قَدْ حالفَ الحقَّ لا يبغي به بَدَلًا ... فصار بالحقِّ والإيمانِ مَقْرُونا
قال: ومَنْ ذاك؟ قالت: أميرُ المؤمنين أبو حسن. فقال: ما أرى عليكِ أثرًا منه. قالت: بلى. ولَّى صدقاتِنا رجلًا فحاف علينا. . . (?)، فأتيتُه وهو قائم يصلِّي، فانصرفَ من صلاته، ثم قال برحمة ورأفة وتعطُّف: ألكِ حاجة؟ فأخبرتُه، فبكى، ثم رفع طرفه إلى السماء وقال: اللهمَّ إني لم آمُرْه بذلك، ولا أرْضَى بظلم الرعيَّة. ثم أخرجَ من جيبه قطعة جِراب (?)، فكتبَ فيها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} الآية (?). إذا أتاك كتابي هذا فاغتَزِلْ عملَنا.
فقال معاوية: يا أهل العراق لقد جرَّأكم ابنُ أبي طالب على الولاة، وغَرَّكم قولُه: