من الأَزْد حتى قَدِمَ هَجَر، ثم خرج بخُفراء من عبد القيس، فلما جاء أَرضَ بني حنيفة سمع به مُسَيْلِمة، فخرج في أَصحابهِ يعرضُ له، وعلم عمرو، فهرب عمرو منه ومعه ثُمامة بن أُثال في قومِه من بني حنيفة، واقتطع مسيلمة رجلين من أَصحابِ عمرو: حبيب بن زيد بن عاصم -وهو ابنُ أُمِّ عُمارة- وعبد الله بن وَهْب الأَسلمي، فأَخذهما وقال: أَتشهدانِ أَني رسولُ الله؟ فأقرَّ الأسلميُّ بما قال، فأَمَرَ به، فحُبس في الحديد، ثم أفلت بعد ذلك إلى خالد بن الوليد.
وأَما حبيب فلم يوافِقْه وقال: أَشهد أَن محمدًا رسولُ الله، فأَمر به، فقُطِعت يداه من المنكبين، ورجلاه من الوركين (?)، ثم حرقه بالنار (?).
وحكى ابن سعد عن الواقدي، عن أشياخِه قالوا: كان عمرو بنُ العاص واليًا لعمر بن الخطاب على فلسطين، فخرج في ثلاثة آلاف (?) وخمس مئة إلى مصر، وخَلَّف ابنَه عبد الله على عملِه، ولم يستأذن عمر بن الخطاب في ذلك، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى عمر يخبره، فشَقَّ عليه، ودعا عقبةَ بنَ عامر الجُهَنيَّ، وكتب معه كتابًا إِلى عمرو وقال: انطلق في طلبه، وادفع إليه كتابي، فلحقه عقبةُ وهو قريبٌ من مصر، فسأله عن عُمر وعن حالهِ. ولم يأخذ منه الكتاب، حتى حصل في أرضِ مصر، فقال له: هاتِ الكتابَ، فدفعه إِليه، فكان فيه:
أَما بعد، فإِنَه لم يحضرك رُشْدُك ولا ما كان يُنْسَبُ إِليك من العقلِ والتجرِبةِ بإِقدامِك على ما أَقدَمْتَ عليه من الأُمور دوني، وتغريرك بمن معك من المسلمين؛ تسوقُهم حيث تُريدُ، واللهِ لولا أَني أَظنُّ أن ذلك على النظرِ [منك] للمسلمين؛ لبعثتُ إِليك مَنْ يُقْدِمُك عليَّ ماشيًا من حيثُ أَدركك، أو يحملُك على أَوعَرِ المراكبِ، فيكون أَشدَّ عليك من المشي، فإذا جاءَك كتابي هذا ولم تكن دَخَلْتَ أرضَ مصر؛ فارجع بمن معك إِلى عملك، حتى يأتيَك أَمري، والسلام.