وقال ابن سعد بإسناده عن موسى بن عمران بن متَّاح، وغيرهما (?) أَنَّ عمرو بنَ العاص كان عاملًا لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على عُمان، فجاء يهوديٌّ من يهود عُمان، فقال لعمرو: أَرأَيتَ إِن سألتُك عن شيءٍ، أيُخشَى عليَّ منك؟ قال: لا، قال اليهودي: أَنشدُك بالله، مَنْ أَرسلك إِلينا؟ قال: اللهمَّ رسولُ الله. قال اليهوديُّ: آللهِ لَتعلمُ أَنَّه رسولُ الله؟ فقال له عمرو: اللهم نعم، فقال له اليهوديُّ: لئن كان ما تقوله حقًّا لقد مات اليومَ.
فلما سمع ذلك عَمرو جمع عليه أَصحابه وفَواشِيَه، وكتب ذلك اليومَ الذي قال فيه اليهوديُّ ما قال، ثم خرج عمرو ومعه خُفَراءُ من الأَزْدِ وعبدِ القيس يأمنُ بهم (?) حتى قَدِم أَرضَ بني حنيفة، فأَخذ منهم خُفَراء إِلى أَرضِ بني تميم، ثم إلى أرضِ بني عامر، فنزل على قُرَّةَ بن هُبَيرة القُشَيريِّ، فأحسن ضيافتَه، ثم قال له: لك عندي نصيحةٌ، إنَّ صاحبكم قد تُوفِّي. فقال له عمرو: وصاحبُنا هو دونَك! لا أُمَّ لك، وأَغلظ له، فنَدِمَ قُرَّةُ على مقالتِه.
فإِن قيل: فمن أين علمَ اليهوديُّ بوفاةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟
قلنا: قد كانت صفته على الحقيقةِ عندهم في التوراة، ومقدار عمره، فلما انقضت أيَّامُه عرفوا ذلك. وقُرَّة كان قريبًا من المدينة.
وقال الجوهوي: والفَواشي كل شيءٍ ميسّر من المال، مثل الغنمِ السائمة والإِبل وغيرِها. وفي الحديث: "ضُمُّوا فَواشِيَكم حيق تذهبُ فحمةُ العِشاء" (?).
وحكى ابن سعد (?) عن محمد بن عمر، عن الضحاك بن عثمان قال: سمعتُ الزُّهريَّ يقول: جاءت وفاةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عمرَو بنَ العاص وهو بعُمان، فحرج بخُفَراء