لأَبيه، فبقي نحوًا من سبعة أشهر خليفةً بالعراق وما وراءَها من خُراسان، ثم سار إليه معاويةُ، وسار هو للقائه.
فلما تراءى الجمعانِ بمَسْكِن من أرض السَّواد؛ علمَ أَنَّه لن تَغْلِبَ إِحدى الفئتين حتى تهلك أكثر الأخرى، فكتب إلى معاويةَ يُخبره بأن يصير الأمرُ إليه على أن يشترطَ عليه أَن لا يطلبَ أحدًا من أهلِ العراق والحجاز والمدينة بشيء كان في زمان أبيه، وأَن يكون الأَمرُ له بعده، فأجابه معاويةُ إلى ذلك، وكاد أن يطير فَرَحًا، وبعث إليه معاويةُ بِرَقٍّ أبيضَ وقال: اكتب فيه ما شِئْتَ وأنا ألتَزمُه. فاصطلحا في النصفِ الأول من جُمادى الأول. هذا قول الموفَّق.
وأَما يونس بنُ عبد الله؛ فحكى عن الزُّهريّ -وقد حكى الطبريُّ طرفًا منه (?) - قال: بعث معاويةُ إلى الحسن بصحيفةٍ بيضاءَ، مختومٍ على أَسفلها، وكتب إليه أن اشترط في هذه الصحيفة التي بها أَسفلَها ما شئتَ فهو لك، فاشترَطَ الحسنُ أَضعافَ الشروطِ التي سأَل معاويةَ قبل ذلك وأمسكها عنده، وأمسك معاويةُ صحيفةَ الحسن عنده التي كتب إليه يسأله بما (?) فيها، فلما التقى الحسنُ ومعاويةُ سأله الحسنُ أنْ يعطيَه [الشروط] (?) التي في السجلّ الذي ختم معاويةُ في أسفله، فأبى معاويةُ أن يُعطيَه ذلك (?) وقال: إنَما أُعطيك ما كنتَ (?) تسألُني، وقد أعطيتُك حين جاءني كتابُك. فقال الحسن: وأنا قد اشترطتُ حين جاءني سِجِلُّك، وقد أَعطيتَني الوفاءَ بما فيه. فاختلفا في ذلك، فلم يُنْفِذْ معاويةُ للحسن من الشروط شيئًا.
قال الزُّهري: ولا معنى لختم معاوية على أسفل الصحيفة البيضاء إلا مكايدةَ الحسن ومخادعتَه ومغالطتَه.