وقيل: معناه اشترط في البياض ولا تتعَدَّ الخَتْمَ.
وكتب الحسنُ إلى قيس بن سعد -وكان في مقدّمته في اثني عشر ألفًا- بأَن يدخلَ في الصلح مع معاوية، فأبَى، وانصرفَ قيس ولم يبايعْ، واعتزلَ الفريقين.
وحكى البلاذري (?) أن سليمان بنَ صُرَد الخُزاعي قال للحسن: ما ينقضي تَعجُّبُنا منك وبيعتك لمعاويةَ (?) ومعك أَربعون أَلف مُقاتل من أهل الكوفة؟ وكلُّهم على أَبوابِ منازلهم، ومعهم مثلُهم من أبنائهم ومواليهم وأَهاليهم سوى شيعتك من أهلِ البصرة والحجاز، فلو كنتَ أَخَذْتَ لنفسك بالوثيقة وأَشهدتَ على معاويةَ وُجوه الناسِ من أَهلِ المشرقِ والمغرب، وكتبتَ عليه كتابًا أَنَّ الأمر لكَ بعده؛ لهان الأَمرُ علينا، ولكنك صالحتَه فيما بينكما، فأَعطاك شيئًا طفيفًا، ثم لا يفي لك به، فإن أمرتَ أخْرَجْنا عامِلَه من الكوفة، وأَعَدْنا الحَرْبَ جَذَعةً (?). فقال له الحسنُ: أَما رأَيتَ ما جَرى عليَّ؟ ! واعتذر بذلك.
وقال أَبو اليقظان: قامَ الحسنُ خطيبًا بالنُّخَيلة (?) فقال: أَيُّها الناسُ، إِنَّ هذا الأَمرَ الذي اختلفتُ فيه أَنا ومعاويةُ إِنَما هو حقٌّ لي تركتُه إرادةً لإصلاحِ هذه الأُمةِ وحَقْنًا لدمائِها، {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111]. فكانوا يُرَوْنَ أنَّه تأَوَّل الحديث.
قلت: والحديثُ الذي تأَوَّله أخرجه البخاريُّ (?)؛ قال البخاري بإِسناده إلى الحسن البصري قال: استقبلَ واللهِ الحسنُ بنُ علي معاويةَ بكتائب أَمثالِ الجبالِ، فقال عمرو بنُ العاص: إني واللهِ لأَرى كتائبَ لا تُولِّي حتى تَقتُلَ أقرانَها، فقال له معاوية -وكان خيرَ الرجلين-: أي عَمرو، أَرأَيتَ إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاءِ هؤلاء، فمَنْ لي