يُسلمونا إلى معاوية برقابنا، فقال له الحسين وعبد الله بن جعفر وابن الحنفيّة: لا تكذّب أبانا في قبره، ققال: أنا أكبر منكم وأعرف بالأمر، قالوا: فافعل ما بدا لك.
وقال الهيثم: استدعى الحسنُ عبد الله بنَ جعفر وقال له: يا ابن العم، قد شاهدت ما جرى عليّ، وقد طالت الغَيبة فسُفِكَت الدّماء، وقُطّعت الأرحام، وأُخِيفَت السُّبُل، وتَعَطَّلَت الثُّغور، وقد عزمت على نزول المدينة، وأُخلّي بين معاوية وبين هذا الأمر، فقال: جزاك الله عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خيرًا، وأنا معك على هذا الحديث (?).
وقد أخرج ابن سعد بمعناه عن عمرو بن سلمة بن عَمِيرة الهَمْدَاني -ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين من أهل الكوفة، ممن روى عن علي - عليه السلام -، وكان شريفًا- قال ابن سعد: بعثه الحسن بن علي إلى معاوية مع محمد بن الأشعث بن قيس في الصُّلح بينه وبين معاوية، فلما رآه معاوية أعجبه ما رأى من جَهْره وفَصاحته وجِسمه، فقال له: أمُضَريٌّ أنت؟ قال: لا، ثم قال: [من الطويل]
إنّي لَمن قومٍ بنى الله مَجْدَهم ... على كلِّ بادٍ في الأنامِ وحاضِرِ
من أبيات، ثم قال: أنا من هَمْدَان.
قال ابن سعد: وكان عمرو ثِقةً قليلَ الحديث (?).
وبعث معاوية إلى الحسن عبد الله بنَ عامر وعبد الرحمن بنَ سَمُرة وقال: مَنِّياه وأعطِياه ما أراد، فقَدِما عليه المدائن، فأعطياه ما أراد، وكان في كتاب الصُّلْح:
هذا كتاب للحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان، أنني صالحتُه على أن الأمرَ له بعدي، وله علي عَهدُ الله ومِيثاقُه، وذِمَّةُ رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ أنني لا أَبغيه ولا أهل بيته مَكروهًا ولا غائلةً، وأن له ما في بيت المال بالكوفة؛ وهو خمسة آلاف ألفِ درهم، وأن لا أذكرَ عليًّا بسوء، وأن لا أعرض لأحدٍ من شيعته بسوء .... وذكر شروطًا كثيرة شرطها عليه الحسن، وأشهد عليه أعيانَ الناس: عبد الله بن عامر، وعبد الرحمن بن سَمُرة بن