وقد نفخوا زِقاقًا (?)، وشَدُّوا الحبال فيها، ودَهْدَهوها في وجوه النَّواضح التي عليها المسلمون، فنَفرت بهم إلى المدينة لا تلوي على شيء، فظنَّ الكفار أنهم قد ظهروا عليهم، فأرسلوا إلى من بذي القَصَّة من أصحابهم، فاجتمعوا وقصدوا المدينة، فخرج إليهم أبو بكر ماشيًا، ومعه المسلمون مُشاةً، وجعل على ميمنته عليًّا رضوان الله عليه، وبني مقرن على ميسرته وساقته، وحملوا على القوم حملةَ رجل واحد، فانهزموا، فما ذَرَّ قَرْنُ الشمس حتى وَلَّوْا، وغنم المسلمون ظهرَهم وأموالَهم.

وبلغ أبو بكر إلى ذي القَصَّة، وعزم على أن يُعسكر هناك، فناشده المسلمون الله لا يفعل خوفًا على المدينة، فرجع وقد استراح جيشُ أسامة، فأقام ثلاثة أيام، ثم خرج بالمسلمين إلى ذي القَصّة فأقام ومعه جيش أسامة، فعقد بها الألوية، وكانت أحدَ عشر لواءً.

فأوَّلُ لواءٍ عَقَده لخالد بن الوليد، وأمره أن يَسير إلى طُليحة بن خويلد، فإذا فرغ منه سار إلى مالك بن نُوَيْرَة بالبُطاح.

قال وَحشيّ بن حَرْب: إن أبا بكر عقد لخالد بن الوليد على قتال أهل الردة، وقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نِعم عبدُ الله وأخو العشيرة خالد بنُ الوليد، وسيفٌ من سيوف الله سَلَّه الله على الكفار والمنافقين" (?).

ثم عقد لواءً لعكرمة بن أبي جهل، وأمره أن يسير إلى مُسيلمة، وعقد لخالد بن سعيد بن العاص وأمره أن يسير إلى مشارف الشام إلى من اجتمع به، وعقد لعمرو بن العاص إلى قُضاعة ومن انضمَّ إليها، وعقد للمهاجر بن أبي أميَّة، وأمره بالمسير إلى اليمن، ومعونة الأبناء على جند الأسود العنسي، ثم يَتوجَّه بحضر موت (?) إلى كِندة، وعقد لحُذَيفة بن مِحْصَن الغَلْفَانيّ (?)، وأمره بأهل دَبا، وعقد لعَرْفَجة بن هَرْثمة وأمره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015