- صلى الله عليه وسلم -: "أُمرتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عَصموا مني دماءهم وأموالَهم إلا بحقِّهم، وحسابُهم على الله"؟
فقال أبو بكر: والله لأُقاتِلَنَّ مَن فَرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حقُّ المال، والله لو منعوني عَناقًا أو عِقالًا كانوا يُؤدُّونها - أو يُؤدُّونه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على ذلك.
قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ أن الله قد شرح صدرَ أبي بكر للقتال، فعرفتُ أنه الحق، أخرجاه في الصحيحين (?).
وقد وافق أبا بكر بعد ذلك جميعُ الصحابة، وصَوَّبوا رأيه، فقال أبو رجاء العُطارِدي: دخلتُ المدينة، فرأيتُ الناس مجتمعين في المسجد، ورأيتُ رجلًا يُقبَّل رأس رجل وهو يقول: نحن فداؤك، لولا أنت هَلَكنا، فقلت: فمَن المقبِّل والمقبَّل؟ قالوا: ذلك عمر بن الخطاب يُقبِّل رأس أبي بكر في قتال أهل الردَّة إذ منعوا الزكاة حتى أَتَوا بها صاغرين (?).
وأقام أبو بكر رضوان الله عليه بالمدينة يَحترس مدَّة غيبة جيش أسامة، وأقام جماعة على أنقاب المدينة، منهم علي وطلحة والزبير وابن مسعود.
وقدمت عبس وذبيان، فنزل بعضهم بذي القَصَّة وبعضهم بالأَبْرَق، ودخل رؤساؤهم على أبي بكر، فكلَّموه وقالوا: نُصلِّي ولا نُزكّي، فقال: لا والله، فخرجوا من عنده، وعَزموا على الفَتْك به وبأهل المدينة، وكَمنوا لهم كَمينًا بذي حُسى.
وجاؤوا إلى المدينة، فخرج إليهم أبو بكر والمسلمون على النَّواضِح، وعلى مَيمنة أبي بكر النّعمان بن مُقَرِّن، وعلى مَيسرته عبد الله بن مُقَرّن، وعلى السَّاقة سُويد بن مُقَرِّن.
واختلفوا في أسامة هل كان قدم عند هذه الحادثة؟ قال قوم: لم يكن قَدم، وقال آخرون: قدم، ولكن أمره أبو بكر أن يستريح في جنده.
ثم التَقَوا، فانهزم القوم، وتبعهم المسلمون إلى ذي حُسى، فخرج عليهم الكمين