بمُهْرة، وعقد لشُرحْبيل بن حسنة وأمره بالمسير إلى عكرمة بن أبي جهل مَدَدًا له، وعقد لطُرَيْفة بن حاجز وأمره ببني سليم، وعقد لسُويد بن مُقرّن وأمره بتِهامة، وعقد للعلاء بن الحَضْرميّ وأمره بالمسير إلى البحرين.
فبينا أبو بكر يَعقد الألويةَ قَدم عليه عَديُّ بن حاتم والزِّبرِقان بنُ بدر، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بعث عديَّ بن حاتم على صدقات طيّئ، والزِّبرقان بن بدر على صدقات بني سعد، وطُليحة بن خُوَيلد على صدقات بني أسد، وعُيَينة بن حِصن على صدقات بني فَزارة، ومالك بن نُويرة على صدقات بني يربوع، والفُجاءة على صدقات بني سُلَيم، فلما بلغهم وفاةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندهم أموال كثيرة رَدُّوها على أهلها، إلا عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر فإنهما تمسَّكا بها ودفعا عنها الناس، حتى أدَّياها إلى أبي بكر، فتَقَوَّى بها على قتال أهل الرّدة، فلم يزل لعديّ والزبرقان بذلك شرفٌ على قومهما ومَن سواهما من أهل نَجد، قال الحارث بن مالك الطّائي: [من الطويل]
وَفَينا وفاءً لم ير الناسُ مثلَه ... وسَرْبَلَنا مَجدًا عديُّ بن حاتمِ (?)
وكان من حديث الزّبرقان أن بني سعد اجتمعوا إليه، فسألوه أن يَردَّ عليهم أموالَهم، وأن يَصنعَ بهم ما صنع مالك بقومه، فأبى، وقال: لا تَعجلوا، فإنه والله لَيَقومَنَّ قائمٌ بهذا الأمر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن كان ذلك القائم قاصرٌ ولم تُبدِّلوا دينكم، ولم تُفرّقوا، وإن كانت التي تَظنّون فهذه أموالكم في أيديكم، لا يغلبكم عليها أحد، فسكتوا، فلما جاءهم اجتماعُ الناس على أبي بكر خرج بها وقد تفرَّق القومُ عنه ليلًا، ومعه الرجال يَطردونها فما علموا به، حتى أتاهم أنه قد أدّاها إلى أبي بكر رضوان الله عليه، فكانت هذه الإبل التي قدم بها الزّبرقان وعديّ أوَّلَ إبلٍ وافت أبا بكر من إبل الصدقة، بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال الزّبرقان أبياتًا منها: [من الطويل]
لقد علمتْ أفناءُ سعدٍ بأنني ... وَفيتُ إذا ما فارس الغَدْر أحجما
سَرَيتُ بها ليلًا من اهلي فأصبحتْ ... تَدوس بأيديها الحصادَ المحرَّما
ولن يَخبروني حين أُسألُ نائلًا ... بخيلًا ولا في النّائبات مُلَوَّما