ولما توجَّه أسامة جاء أبا بكر رضوان الله عليه خبرُ الأسودِ العَنْسي ومقتله، فكان أوّلَ فتحٍ أتاه.
ولما جهَّز أبو بكر جيش أسامة وفدت عليه وفود العرب مُرتدّين، مُقرِّين بالصلاة مانعين الزكاة، فلم يَقبل ذلك منهم، ورَدَّهم، واستعدَّ لحربهم وجهادهم، وأقام على ذلك حتى قَدم جيشُ أسامة من الشام، فخرج إلى لقائه، وسُرَّ بسلامتهم، واستعان بهم على أهل الرِّدة.
لما تُوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقام أبو بكر - رضي الله عنه -؛ ارتدَّت العرب بعد خلافته بعشرة أيام، إلا أهل المسجِدَيْن وما بينهما، وأناسًا من الأعراب قليل، وفي رواية: والبحرين وثَقيف، فإنهم استشاروا عثمان بن أبي العاص الثقفي، وكان فيهم مُطاعًا، فقال: لا تكونوا آخر العرب إسلامًا وأوَّلَهم ارتدادًا، فنفعهم الله برأيه - ونَجم النِّفاق، والمسلمون كالغنم في الليلة المظلمة؛ لفقد نبيّهم، وقلَّتهم، وكثرةِ عدوِّهم، وخُلُوِّ المدينة من أبطال المسلمين، ووجوه الناس في جيش أسامة.
وكان الأسود العَنْسي قد غَلَب على صَنْعاء ونَجْران والطائف، واستعجل أمره مسيلمة الكذّاب وطُلَيحة بن خويلد، وارتدَّت غَطَفان وطَيّئ، واجتمع إليهم مَن كان على مثل رأيهم.
وقال ابن إسحاق: أول ردَّةٍ كانت في العرب مُسَيلِمة باليمامة في بني حنيفة، والأسود بن كعب العَنْسي باليمن في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخرج طُليحة الأَسَدي في بني أَسَد، وادَّعى النُّبوَّة، وسجع لهم (?)، وكان فيما يقول: إن الله لا يصنع بتعفير وجوهكم، ولا فتح أدباركم شيئًا، فاذكروا الله أَعِفَّةً قيامًا (?).
وقال أبو هريرة: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستُخلف من بعده أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تُقاتل الناس وقد قال رسول الله