وفيها: قدم حاطب بن أبي بلتعة (?) من عند المُقَوْقِس صاحب الإسكندرية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهديَّةٍ، وهي أربعُ جوارٍ منهن مارية وهي أم إبراهيم - عليه السلام - ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسيرين، وبغلتُه الدُّلْدُل، وحماره اليعفور، وأَلْفُ دينار من ذهب وعشرين ثوبًا، وخَصِيٌّ يقال له: مأبور، شَيْخٌ كبير كان أخًا لمارية، أقام على دينه حتى قدم المدينة.

وكان حاطب قد دعا مارية وسيرين إلى الإسلام فأسلما قبل وصولهما إلى المدينة، فأنزلهما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على أم سُلَيْم بنت مِلْحان، وكانت أُمُّ إبراهيم وضيئةً بيضاءَ جميلةً جَعْدَةً من كورةِ أَنْصِنا، فَوطِئها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بملك اليمين، ثم حولها إلى مالهِ بالعالية، كان قد أخذه من بني النضير وكان يأتيها فيه، وكانت في مَشْرَبةٍ تعرف بمشربةِ أم إبراهيم - والمشربة: المَنْظَرةُ - وكان الخصيُّ يختلف إليها، فكثَّر الناس فيه وقَالوا: عِلْجٌ يَدْخُلُ على عِلْجَةٍ، فبلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا عليًا رضوان الله عليه وقال: انطلق، فإن وجدته عندها فاقتله، فقال: يا رسول الله إذا بعثتني أكون كالسِّكَّةِ المُحْماةِ أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ فقال: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فقال؟ فأقبلتُ متوشَّحًا بالسيف وإذا به عندها فاخترطت السيف فأقبلت نحوه، فلما رآني صَعِد نخلةً هناك وألقى نفسه على قفاه وشغر برجليه فإذا هو أَجَبُّ مَمْسوحٌ، ليس له قليل ولا كثير، فأغمدتُ السيف وأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال: "الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت" (?).

قال الواقدي: إنما أمر بقتْله لأنه كان كافرًا لم يسلم.

وقال المنافقون: إنه فحل فأكذب الله المنافقين.

وأما سيرين فوهبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحسانَ بنِ ثابتٍ فأولدها عبد الرحمن.

وأما بغلته الدُّلدُل فبقيت إلى أيام معاوية.

وأما حماره اليعفور فَنَفَقَ في حِجَّة الوداع عند منصرفه منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015