إلى النصرانية، قالت: فقلت له: والله ما خِيْرَ لك، وأخْبرتُه بما رأيت له فلم يحفَلْ بي، وأكبَّ على الخمر يشربُه حتى مات، فرأيت في المنام كأن آتيًا يقول: يا أمَّ المؤمنين، ففزعْتُ، وأوَّلْتُها أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتزوجني، قالت: فما هو إلا أن انقضت عِدَّتي، فما شعرتُ إلَّا بجارية النجاشي يقال لها: أبرهة كانت تقوم على ثيابِه ودُهْنِهِ تستأذن عَلَيَّ، فأذِنْتُ لها فدخلتْ، وقالتْ: الملك يُسَلِّمُ عَلَيْكِ ويقول: إِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إليَّ أن أزَوِّجَه إيَّاكِ، فقلت: بشَّرك اللهُ بالخير، فقالت: وَكِّلي من يُزَوِّجُك، فأرسلتُ إلى خالدِ ابنِ سعيد بن العاص فوكَّلْتُه، وأعطيت أبرهةَ سِوارَيْنِ من فِضَّةٍ وخَدَمَتَيْنِ كانتا في رِجْلي وخواتيم فضة كانت في أصابعي سرورًا بما بشَّرتني به، فلما كان العَشِيُّ أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن كان هناك من المسلمين فحضروا وخطب النجاشي خطبة بليغة؛ حَمِدَ الله وأثنى عليه وصلى على رسوله وقال: أما بعدُ فإن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلي أن أُزَوِّجَه أم حبيبة، فأجبته إلى ما دعاني إليه وأصْدَقْتُها من مالي أربع مئة دينار وصبَّها بين يدي القوم، فحمد الله خالد بن سعيد وصلى على رسوله وقال: قد أجبت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ما سأل، فبارك الله لرسوله. ثم حضَر الطعامُ فأكلوا وانصرفوا.

وفي روايةٍ: أنَّ أم حبيبة دفعت إلى أبرهة خمسين دينارًا فلم تقبلها وردت عليها جميع ما أعطتها وقالت: إن الملك أمرني أن لا أَرْزَأَكِ شيئًا، وإني قد أَسْلَمْتُ وبايعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أمر الملك نساءه أن يبعثنَ إليك بكلِّ ما عندهُنَّ من العِطْر - ثم جاءتني بعودٍ وعَنْبرٍ ومسكٍ وحُلِيٍّ كثيرةٍ - فقَدِمْتُ بذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبريه أَني قد بايعته وهذه حاجتي إليك، قالت: فلما قدمت عليه أخبرته فقال: وعليها السلام، ولما بلغ أبا سفيان قال: ذاك الفحل الذي لا يُقدَعُ أَنْفُه (?).

وفي تزويج أم حبيبة نزل قوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} (?) [الممتحنة: 7].

قال الواقدي: وبعث النجاشي أم حبيبة - رضي الله عنها - مع شُرَحْبيل بن حَسَنَة.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015