مثلَ ما قلت لهم، ولما شاع الخبر بمكة التقاني العباس فقال: ويحك يا حجاج، ما الذي جئت به؟ فقلت: اذهب إلى مكان كذا، فأخذتُ جميعَ مالي وخرجت، فقلت له: أبشر فَتَح الله على ابن أخيك خيبرَ وتركتُه عروسًا على بنت ملك خيبر، وقد أسلمتُ وجئتُ أَخَذْتُ مالي خوفًا من أَن أُغْلَبَ عليه، فاكتُمْ عني ثلاثًا. فلما كان بعد ثلاث لبس العباس حُلَّةً وتخلَّقَ ثم خرج يطوف بالبيتِ، فلما رأوه قالوا: يا أبا الفضل، هذا والله التَّجَلُّدُ في المصيبةِ، فقال: ويلكم فتح الله خيبرَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعرسَ بابنة ملكهم، وأحرز رسولُه أموالَهم ونخيلَهم وقسَّمها بين المسلمين، فقالوا: من جاء بهذا الخبر؟ قال: الذي جاءكم بما جاءكم به لقد دخل عليكم مسلمًا وأخذ أمواله وانطلق ولحق رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون معه، فقالوا: قُتِلْتَ عدوَّ الله، أما واللهِ لو عَلِمْنا لكان لنا وله شأن من الشأن. فلم يلبثوا أن جاء الخبر بذلك، فأعتق العباس في ذلك اليوم عبدًا له يقال له: أبو زبيبة.
وقال موسى بن عقبة: لما سمع العباس بِما أخْبَرَ بهِ الحجاجُ أولًا أراد أن يقوم فلم يقدر على القيام.
* * *
قال الواقدي: وفيها رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته زينب - عليها السلام - على أبي العاص بن الربيع - رضي الله عنه - (?)
وفيها: قدمت أم حبيبة - رضي الله عنها - بنت أبي سفيان من الحبشة على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالمدينة، وكان قد كتب إلى النجاشي فزوَّجه إيَّاها، وكانت قد هاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش فتنصَّر ومات هناك.
وعن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أم حبيبة - رضي الله عنها - قالت: رأيت في المنام كأنَّ عبيدَ الله بنَ جَحْشٍ زوجي بأسوأ حال، وأشوهِ صورة، ففزعتُ وقلتُ: تَغيَّرتْ واللهِ حالُه. فإذا هو يقول حين أصبح: يا أم حبيبة إني نظرت في هذا الدين فلم أر دينًا خيرًا من دين النصرانية، وكنتُ قد دِنْتُ بها، ثم دخلتُ في دينِ محمد، ثم رجعت