التماسه، وأقام الناس معه وليسوا على ماء، أو وَلَيْسَ معهم ماء، فأتى الناسُ أبا بكرٍ فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشةُ؛ أقامتْ بالناس على غير ماء، فجاء أبو بكر فأغلظ لها، قالت: ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نائمٌ، رأسُه على فَخِذي، وقال ما شاء، وجعل يَطْعُنُ بيده في خاصرتها، قالت: ولا يمنعني من التحرك إلا مكانُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فنام حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آيةَ التيمم، فقال أُسَيْدُ بنُ حُضَيْر وهو أحد النقباء: ما هي بأول بركتِكُم يا آل أبي بكر، ما نزل بكِ أمرٌ تكرهينَه إلا جعل الله للمسلمين منه فرجًا ولكِ منه مخرجًا. قالت: فَبَعَثْنا البعيرَ الذي كان تحتي أو كنت عليه فإذا العقد تحته (?).
وفيها: كانت قصة الحجَّاج بن عِلاط بن خالد بن ثُوَيْرَةَ السُّلَمي (?)، وهو من الطبقة الثالثة من المهاجرين، شهد فتح خيبر.
قال أرباب السير: كانت تحته أمُّ شَيْبَة أختُ بني عبد الدار، وكان كثير المال، فلما رجع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: يا رسول الله إن لي أموالًا بالحجاز وبمكة، وذهبي عند أُمِّ شيبة، وإن عَلِمَتْ بإسلامي هي ومَنْ عنده مالي ذهب، فَأْذَنْ لي في الذهاب قبل أن يفشو الخبر، فأذن له وقال: قل ما شئت.
قال الحجاج: فخرجت وأسرعت المسير، فلما كنت بالثنية البيضاء رأيت رجالًا يتجسَّسون أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قريش وقد علموا أنه صار إلى خيبر وهي قريةُ الحجاز، ريفًا ومَنَعَةً ورجالًا وعُدَّةً وسِلاحًا، فلما رَأَوْني قالوا: الحجاجُ؟ ! ولم يكونوا علموا بإسلامي، فقالوا: أخبرنا عن القاطعِ، فقلت: عندي من الخبر ما يسرُّكم، فالتبطوا بجانِبَيْ ناقتي يقولون: إيه يا حجَّاجُ، فقلت: هُزِمَ هَزيمةً لم يُهْزَمْ مثلَها قطُّ وأُسِر وقُتِلَ أصحابُهُ قتلًا ذريعًا، وأرادت اليهودُ قتله فقال رؤساؤهم: دَعُوه حتى نَبعثَ به إلى مكَّةَ فيقتلونه بين أظهرهم بِمنْ كان أصاب من رجالهم، ففرِحوا وانطلقوا إلى أهلها فبشَّروهم، فقلتُ: أَعينوني على جمع مالي من غُرَمائي حتى أَقْدُمَ على خيبر فأَشتري من الذين أصابوا من أموال محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابهِ قبل أن يسبقَني التُّجَّار، فجمعوا مالي في أسرع وقت، وجئت إلى صاحبتي فأخذتُ ما كان عندها وقلت لها