وقال أبو يزيد البسطامي: الليل ميدان المحبين، يجري فيه من الانبساط ما لا يجري بالنهار.

وقال بعض أهل المعاني: لما كان الذهاب من مكة إلى البيت المقدس في ليلة والرجوع منه إلى مكة، مما تأباه عقول قوم سبح الله نفسه عند ذلك، فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلًا}، وكذا لما كان مجيء الليل وإقبال النهار خرقًا للعادة، سبح الحق نفسه، فقال: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)} [الروم: 17] في نظائر كثيرة، فالحق سبحانه ما سبح نفسه إلا عند كل عظيم.

فإن قيل: فما الحكمة في إسرائه من مكة إلى القدس ولم يسر به من مكة إلى السماء؟

فالجواب من وجوه:

أحدها: إنما أسري به إلى القدس ليستأنس، فيتدرج به إلى صعود السماء.

والثاني: لأن الأنبياء - عليهم السلام - جُمِعوا له هناك، فصلى بهم، وفي ضمن ذلك نسخ شرعهم بشرعه.

والثالث: لأنه على الأماكن التي كلم الله عليها موسى وشاهدها، ثم عرج به إلى السَّماوات، وزيد على ذلك النظر ليظهر له التفاوت (?).

ومنها (?): أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه بعيني رأسه، وهو قول من سمَّيْنا من العلماء في الليلة الماضية. وروي عن عائشة - رضي الله عنهما-، أنها أنكرت ذلك، وقالت: إنما رآه بعيني قلبه.

قال مسروق: سألتُ عائشة: هل رأى محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - ربه بعيني رأسه؟ فقالت: لقد قفَّ شعري مما قلت، من حدَّثك بهذا فقد كذب، ثم قرأت: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] الآية.

ولما قال مسروق لعائشة - رضي الله عنهما -: هل رأى ربه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط، وقرأ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} [النجم: 1]؟ قالت عائشة - رضي الله عنهما -: إلى أين تَذْهب؟ بل إنما رأى جبريل في صورته (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015