قريش. وقد دلت عليه الأحاديث الصحاح، وإجماع العلماء مثل: الخلفاء الأربعة، وابن عباس، وجابر، وأنس، وأبي هريرة، وحذيفة، وابن مسعود، ومالك بن صعصعة، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وسلمان الفارسي، وعمار بن ياسر، وعائشة، وأم هانئ، في آخرين. ومن التابعين خلق يطول ذكرهم لم يُذكر مخالف إلا ما روي عن معاوية.
وأما قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَينَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60]، فقد روى عكرمة، وأبو صالح، والوالِبي، عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في منامه بني أمية ينزون على منبره نَزْوَ القِرَدة، فساءه ذلك، فأنزل الله هذه الآية. فلا تعلق لها بالمعراج (?).
وأما قول عائشة - رضي الله عنهما -: ما فقدت جَسَدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأين كانت عائشة في زمن المعراج، فإنها كانت بنت ست سنين بإجماع العلماء، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل بها إلا في المدينة بعد ثلاث سنين من المعراج، فلا تثبت الرواية.
وقوله: جعل الإسراء إلى بيت المقدس غاية، فلا ينبغي أن يكون إلى غيره، وقد ثبت بالنصوص الصحاح: أن ذلك كان يقظة لا منامًا.
وذكر القاضي عياض في كتاب "الشفا" (?): أن مذاهب المسلمين والمذهب الحق: أن الله عرج بنبينا بجسده - صلى الله عليه وسلم - وبروحه جملة.
فإن قيل: فلِمَ قال: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلًا} ولم يقل: نهارًا.
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن الليل أستر للأحوال لئلا يصير فتنة كما صار عيسى - عليه السلام -.