والصحيح: قول عامة الصحابة.
قال الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رأَيتُ ربي تبَارك وتَعالى" (?). ولو رآه بعيني قلبه، لم يكن له مزية على آحاد أمته، فإن عامة المؤمنين يرون الله تعالى بقلوبهم دائمًا.
وحكى النَّقَّاش، عن الإمام أحمد بن حنبل - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أنا أقول: رأى ربه بعيني رأسه، رآه، رآه، رآه، ... حتى انقطع نفس الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - (?).
وحكى القاضي عياض، عن أبي الحسن الأشعري أنه قال: رآه ببصره وعيني رأسه، قال: وكل آية أوتيها نبي من الأنبياء فقد أوتيها نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وخُصَّ نبينا - صلى الله عليه وسلم - من بينهم بتفضيل الرؤية (?).
وما روي عن عائشة - رضي الله عنهما-، فالجواب عنه من وجوه:
أحدها: أنه رأي منها، لا رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولمَّا قيل للإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -: بماذا ترد قول عائشة؟ فقال: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رأَيتُ رَبِّي".
والثاني: أنها لم تكن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زمن المعراج.
والثالث: أنها نفت، والعمل على الإثبات، وقد أثبتَ الروايةَ أعيانُ الصحابة، وقولهم مقدَّمٌ على رأيها، خصوصًا وقد رفعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد قال القاضي عياض: رؤية الله في الدنيا جائزة عقلًا، وليس في العقل ما يحيلُها، ولهذا سألها موسى - عليه السلام -، ومحال أن يجهل نبي ما يجوز على الله تعالى (?).
قال المصنف -رحمه الله-: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ما رأى ربه في دار الدنيا، وإنما راه في الدار الآخرة، لأن {قَابَ قَوْسَينِ} [النجم: 9] ليس من حساب الدنيا، وخصوصًا وقد خرق