رحمة الله عليهما، وظهرت الأحقاد البدرية، وقال الخصوم أشعارًا، منها قول المهذَّب الرُّومي ساكن النِّظامية: [من الخفيف]
ليَ شعرٌ أرقُّ مِنْ دِين ركنِ الدِّ ... بن عبد السَّلامِ لَفْظًا ومَعْنى
زُحَلِيًّا يَشْنا عَلِيًا ويهوى ... آلَ حَرْبٍ حِقْدًا عليه وضِغْنا
مَنَحَتْه النُّجومُ إذ رام سَعْدًا ... وسرورًا نَحْسًا وهَمًّا وحُزْنا
سارَ إحراقُ كُتْبه سَيرَ شِعْري ... في جميعِ الأقطار سَهْلًا وحَزْنا
أيها الجاهِلُ الَّذي جَهِلَ الحقَّ ... ضلالًا وضيَّعَ العُمْرَ غُبْنا
رُمْتَ جَهْلًا من الكواكب بالتبـ ... خير عِزًّا فَنِلْتَ ذُلًّا وسِجْنا
ما زُحَيلٌ وما عُطارِدُ والمرِّ ... يخ والمُشْتري ترى يا مُعَنَّى
كلُّ شيءٍ يُوْدي ويفنى سوى اللـ ... ـه إلهي فإنَّه ليس يَفْنى
ثم حكم القاضي بتفسيق عبد السَّلام، ورمي طَيلَسانه، وولي جَدِّي مدرسة الشيخ عبد القادر رحمه الله، فذكر الدَّرْسَ بها في ربيع الأول.
وقال ابن القادسي: وفي جمادى الأُولى جلس الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي عند تربة أُمِّ الخليفة المجاورة لمعروف الكرخيِّ، فتاب مئة وثلاثون شخصًا، ومات في المجلس ثلاثة بوَجْدهم.
وفيها حَبَسَ الخليفةُ طاشْتِكِين أميرَ الحاج، وكان في قلبه منه من نوبة ابنِ يونس وتقصيره في القتال، ونُقِلَ إلى الخليفة أَنَّه يكاتبُ صلاح الدين، وكثَّر عليه ابنُ يونس، فاعتقله تحت التَّاج، وأخفى خبره بحيث أقام سنين لم يطلع له خبر.
وفيها كانت نوبة الخويلفة؛ كان السُّلْطان قد كَتَبَ إلى مِصْر يستدعي العساكر، فاجتمع على بِلْبِيس خَلْقٌ عظيم وقافلة [عظيمة] (?) فيها أموالُ الدُّنيا، وكان الإنكتار يترقَّب مجيئهم، فبعث السُّلْطان نجابًا يحذِّرهم، وقال: أَبْعِدُوا في البرية. وبلغ الإنكتارَ قُرْبُهم، فركب من تل الصَّافية في ألف فارس مردفين بألفِ راجل، وساروا حتَّى نزلوا ماءً يقال له: الحسا، وجاء الإنكتار، فكبسهم بغتةً قبيل الصُّبْح وهم غارُّون، فالسَّعيد مَنْ نجا بنفسه.