الدِّين (?) يقول: يا أخي تكفانا (?) هذه. وكان أخوه محبُّ الدِّين سيِّدَ الزُهَّاد، ما دخل معه فيما كان فيه، ولا أكل له طعامًا.

[قلت: وقد سمعنا مشايخنا ببغداد يحكون عنه حكايات عجيبة، منها أنه] (?) قال: وكان سببُ ولايتي للمخزن أنني ضاق ما بيدي حتى فَقَدْتُ القوت أيامًا، فأشار عليَّ بعضُ أهلي أَنْ أمضي إلى قبر معروف الكَرْخي، وأسأل الله عنده، فإنَّ الدُّعاء عنده مستجاب. فأتيتُ قبر معروف، وصلَّيتُ عنده، ودعوتُ، ثمَّ خرجتُ لأقصد البلد -يعني بغداد- فاجتزت بقَطُفْتا (?)، فرأيتُ مسجدًا مهجورًا، فدخلتُ لأصلي فيه ركعتين، وإذا بمريضٍ ملقى على بارِيَّة (?)، فقعدتُ عند رأسه، وقلتُ: ما تشتهي؟ فقال: سَفَرْجلة، فخرجتُ إلى بقَّال هناك، فَرَهَنْتُ عنده مِئْزري على سَفَرْجَلَتين وتُفَّاحة، وأتيتُه بها، فأكل من السَّفَرْجلة، ثم قال: أغلقِ البابَ -أي باب المسجد- فَغَلَقْتُه، فتنحى عن البارية، وقال: احفرْ هاهنا، فحفرتُ، وإذا بكوزٍ، فقال: خُذْ هذا، فأنتَ أَحَقُّ به، فقلتُ: أما لك وارث؟ فقال: لا، وإنما كان لي أخٌ، وعَهْدِي به بعيد، وبلغني أنَّه مات، ونحن من الرُّصافة. وبينا هو يحدِّثُني إذ قضى نحبه، فغسَّلته، وكَفَّنْتُه، ودفنته، ثم أخذتُ الكُوز، وإذا فيه مقدار خمس مئة دينار، وأتيتُ إلى دِجْلة لأعبرها، وإذا بملاحٍ في سفينة عتيقة، وعليه ثيابٌ رَثَّة. فقال: معي معي. فنزلتُ معه، وإذا به أَشْبه النَّاس بذلك الرجل، فقلتُ: من أين أنتَ؟ فقال: من الرُّصافة، ولي بناتٌ، وأنا صعلوك. قلت: فما لك أحد؟ قال: لا، كان لي أخٌ، ولي عنه زمان، وما أدري ما فعل الله به. فقلتُ: ابسط حِجْرَك، فبسطه، فصببتُ المال فيه، فَبُهِتَ، فحدَّثْتُه الخبر، فسألني أن آخذ نصفه، فقلتُ: والله ولا حَبَّة. ثم صَعِدْتُ إلى دار الخليفة، وكتبت رُقْعةً، فخرج عليها إشراف المخزن، ثم تدرَّجْتُ إلى الوزارة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015