وكانت أمواله مبذولة، ينفق في كلِّ سنة مئة ألف دينار ويستدين، وكان يقول: ما وجبتْ عليَّ زكاة قطُّ (?).
وكان يقول: أمّا دني فلان، وأفادني فلان.
[قال جدِّي رحمه الله: وسألني يومًا عن قوله عليه السَّلام: "مَنْ فاته حِزْبُه من اللَّيل، فصلاه قبل الزَّوال، فكأنه صلاه بالليل (?) ". فقلت: هذا ظاهر في اللغة والفقه، أما اللغة فإن العرب تقول: إلى الزوال كنت الليلة، وأما الفقه، فإنه عند أبي حنيفة يصح الصوم بنية قبل الزوال، فقد جعل ذلك الوقت في حكم الليل. فأعجبه ذلك، وكان يقول للناس: ما كنت أعرف معنى هذا الحديث حتى عرَّفني إياه فلان، فأخجل] (?).
وجرى بين يديه بحثٌ في مسألةٍ، فخالف فيها فقيه مالكي، وادَّعى الإجماع، فقال له الوزير والجماعة: خالفْتَ. وهو لا يرجع، فقال له الوزير: أحمارٌ أنت، أَمَا ترى الجماعة يخالفونك. ثُمَّ ندم الوزير على قوله، وقال: هذا لا يليقُ بالأَدب، ولا بُدَّ أن تقول لي كما قلتُ لك، وما أنا إلَّا كأحدكم. فارتفع بكاءُ الجماعة، وأخذ الفقيه المالكي يعتذر ويبكي، والوزير يبكي، ويقول: القِصاص القِصاص. فقال يوسف الدِّمشقي [للوزير] (?): القِصاص أو الفِدْية، فقال الوزير: له حُكْمه. فقال الفقيه: نعمك عليَّ كثيرة، فأي حكم بقي لي؟ فقال: لا بُدَّ. فقال: عليَّ مئة دينار دَين. فأعطاه إياها [فرضي] (4).
وكان في وزارته يتأسَّفُ على ما مضى من زمانه، ويندم حيث دخل في الدُّنيا، ويقول: كان عندنا في القرية نخلة في مسجدٍ تحمل ألف رطل تمرًا، فكان أخي محبِّ