[ومنها أَنَّه نَظَرَ] (?) يومًا إلى طَرَفِ الإيوان، فرأى غُلامًا تركيًّا قائمًا في الخِدْمة، وبيده سيفٌ، فقال لابن تركان: ادفع إلى هذا [التركي] (2) خمسين دينارًا، ومُرْه [أن] (2) لا يقف بين يديّ بعد اليوم، وله في كلِّ سنة مثلها. فقال له بعض الجماعة: يا مولانا، وما السَّببُ؟ فقال: كان هذا شِحْنة دُجَيل، فَطَرَحَ على قريتنا فدادين، فجاء ليلة والبَرْدُ شديدٌ والمطر كثير، فقال: قُمْ، واخرج إلى الشَّجرة، فقلتُ: أنا ضعيف، وقليل الكسوة، [فأبصر غيري] (?). فضربني بالمَقْرَعة على رأسي، فأصاب [طرف] السوط (?) عيني هذه، فذهَبَتْ، وما أُبْصر بها إلَّا قليل، فما أُريد رؤيته، ولا أَقْطَعُ رِزْقه. فعجبَ الحاضرون من هذا الحِلْم.

[ومنها أنه] (?) عمل سِماطًا عظيمًا [فكان يعمل في اللبنية عوض الكراث تماثيل السُّكَّر] (2)، وكان إذا مُدَّ السماط أكثر ما يحضر عليه الفقراء والعميان، فلما كان في ذلك اليوم، وأكل النَّاس، وخرجوا، بقي رجلٌ ضرير يبكي ويقول: سرقوا مداسي، وما لي غيره، ووالله ما أقدر على ثمن مداس، وما بي إلَّا أَنْ أمشي حافيًا، وأصلي. فقام الوزير من مجلسه، ولبس مداسه، وجاء إلى الضَّرير، فوقف عنده، وخَلَعَ مداسه، وهو لا يعرفه، وقال له: أَبْصِرْ هذا المداس على قدر رِجْلك. فلبسه، وقال: نَعَمْ، لا إله إلَّا الله، كأَنَّه مداسي. ومضى الضَّرير، ورجع الوزير إلى مجلسه، وهو يقول: سلمتُ منه أن يقول أنتَ سرقته.

[وله كثير من العجائب والغرائب، وحكى أنه وشى به واشٍ إلى المستنجد، وكان الوزير قد أحسن إلى ذلك الواشي] (?)، فكتب [إليه] (2) الخليفة يقول: إنَّ فلانًا وشى بك. فكتب إليه الوزير: [من الطويل]

زرعتُ زروعًا تُجْتنى ثمراتُها ... فلا ذنبَ لي إن حَنْظَلَتْ شجراتُها

هُمُ نقلوا عني الذي لم أَفُهْ به ... وما آفةُ الأخبارِ إلَّا رواتُها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015