ومن شعره: [من الهزج]
ولما أصبح الوصلُ ... صحيحًا ما به داءُ
أتى الهَجْرُ فلا ميمٌ ... ولا راءُ ولا حاءُ
ولا باءٌ ولا سينٌ ... ولا هاءٌ ولا لاءُ
يعني لا مرحبًا ولا سهلًا بالهجر (?).
قلتُ: ذكر قاضي القضاة شمس الدين بن خَلِّكان -رحمه الله- في "وفيات الأعيان" (?):
الشيخ عَدِي بن مسافر، الهَكَّاري مسكنًا، العبد الصَّالح المشهور، سار ذكره في البلاد، وتبعه خَلْقٌ كثير، وجاوز حسنُ اعتقادهم فيه الحدَّ، وجعلوه ذخيرتهم في الآخرة، وكان قد صَحِبَ جماعةً من أعيان المشايخ والصُّلحاء، ثم انقطع إلى جبل الهكَّارِيَّة من أعمال المَوْصِل، وبنى له هناك زاويةً، ومال إليه أهل تلك النَّواحي كلها ميلًا لم يُسْمع بمثله.
وكان مولده في قرية يقال لها بيت فار من أعمال بَعْلَبَك، والبيتُ الذي ولد فيه يزار إلى الآن، وتوفي سنة سبع، وقيل: خمس وخمسين وخمس مئة، ودفن ببلده بزاويته، وقبره عندهم من المزارات المعدودة، وحَفَدَتُه بموضعه يقتفون آثاره والنَّاسُ معهم على ما كانوا عليه زمن الشيخ من جميل الاعتقاد، وتعظيم الحُرْمة، وكان مُظَفَّر الدِّين صاحبُ إِرْبل يقول: رأيتُ الشيخ عدي بن مسافر، وأنا صغير بالمَوْصِل، وهو شيخٌ، رَبْعَةٌ أسمرُ اللَّون، وكان يحكي عنه صلاحًا كثيرًا، وعاش تسعين سنة.