وأثرى ببغداد، وحسنت حاله، وكان مُغْرًى بالنِّسوان، وله قَبولٌ حسنٌ عند الحِسان، ومن شعره: [من مجزوء الرمل]

أفّ للدنيا وأَفّ ... كلُّ من فيها يَلُفُّ

مثل خيَّاطٍ حريصٍ ... كلما شلَّ يكُفُّ (?)

وقال ابنُ عساكر: كان أبوه منجِّمًا، رأيتُه يجلس على الطَّريق، وكان عبد الرحمن هذا ينشد على الطريق، وفي الأسواق على الدَّكاكين، وكان في صوته شجًى، وخرج عن دمشق وهو شابٌّ، فغاب عنها مدَّة وعاد، وكان يعظ في الأعزية، ثم وعظ بعد ذلك على الكُرْسي، ورُزِق قَبولًا، واكتسب من الوعظ مالًا، ثم خرج إلى العراق، فأقام ببغداد مدة، وأظهر الزُّهد، وظهر له بها سوق، ثم رجع إلى دمشق، ووعظ، وصَعِدَ إليه يومًا إلى المنبر طفلٌ صغير، فأخذه على يده، وقال: [من الرجز]

هذا صغيرٌ ما جنى صغيرةً ... فهل كبيرٌ يركب الكبائرا

فضجَّ المجلس بالبكاء.

وحضرنا عزاء المقتفي في جامع (?) وصدر المجلس القاضي أبو الفَضْل محمد بن عبد الله الشَّهْرُزُوري (?)، فرثى الخليفة بأبياتٍ، فَخَلَعَ القاضي عليه ثوبه، فتذكر عادته في الكُدْية، فخرج عما كان فيه من العزاء إلى استدعاء موافقة الحاضرين في خَلْع ثيابهم، فخلع بعضهم، فقال: أنا المُعَرِّي لا المعزي، وذكر أشياء فأضحك القوم، فلما خرجنا، قلتُ له: أخرجتَ العزاء عن معناه، وجعلته مضحكة، فقال بعض مَنْ أراد التقرُّب إليه: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم: 43]. فقلت: لكلِّ مقامٍ مقال، وليس هذا موضعه. فسكت (?).

وكانت وفاته يوم الجمعة من رجب، ودفن بقاسيون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015