وفيها تكاملتِ المدرسةُ التي بناها الوزير ابن هُبيرة بباب البَصرة، ورتَّب بها الفقهاء، ودرَّس بها أبو الحسن البَرَانْدِسي الحَنْبَلي (?)، ثم خربت بعد الوزير، وذهبت أوقافها، وبها دُفنَ الوزير.
وفيها حاصر نور الدين [محمود بن زنكي] (?) حِصن حارم، واجتمع الفرنج، وراسلوه، ولاطفوه، وكانوا خَلْقًا عظيمًا، فرجع إلى حلب، وكان معه مُؤَيَّد الدِّين أُسامة بن مُرْشد بن منقذ [الذي أخرجه عمه من شيزر] (2)، فنزل بدار إلى جانبها مسجد، وكان قد نزل بها عام أَوَّل، وحَجَّ، ثم عاد، فدخل المسجد بعد عوده من الغَزَاة، فكتَبَ على [حائط المسجد أبياتًا لنفسه، وهي] (?): [من الطويل]
لك الحمدُ يا مولاي كم لكَ مِنَّةٍ ... عليَّ وفَضْلٍ لا يحيطُ به شُكْري
نزلتُ بهذا المسجد العامَ قافلًا ... من الغزو موفورَ النَّصيب من الأَجْرِ
ومنه رَحَلْتُ العيْسَ في عاميَ الذي ... مضى نحو بيتِ الله والركن والحِجْرِ
فأديتُ مفروضي وأسقطتُ ثِقْلَ ما ... تحمَّلْتُ من وزْرِ الشَّبيبة عن ظَهْرِي (?)
وحجَّ النَّاسُ من العراق، ووقفوا بعرفة، فلما نزلوا الخَيف خرجَ إليهم عبيد مكَّة فنهبوهم، فرحلوا إلى المدينة، ولم يَطُفْ أحد بالبيتِ، ولم يَسْعَ [خوفًا من العبيد] (2).
[وفيها توفي
أبو محمد، الأتابكي، الطُّغْتكيني الحنفي، ويسمى بعبد الهادي.