الباب الثاني والثلاثون في بيعة المستنجد بالله أبو المظفر يوسف بن محمد المقتفي (?)

ولد في ربيع الأَوَّل سنة ثماني عشرة وخمس مئة، وأُمه أُم ولد يقال لها طاوس، أدركت خلافته، وتوفِّيت هذه السنة.

ولما توفي أبوه دَخَلَ إلى الحُجْرة التي كان يقعد فيها أبوه، فهجمت عليه أُم أخيه أبي علي الحسن ومعها جواريها بأيديهن السكاكين ليقتلنه، وتبايع لابنها، فَذُعِرَ منها، وقال: يا أُمَّاه، ما الذي صنعتُ حتى تستحلِّين دمي؟ راقبي الله فيَّ. فتوقَّفَتْ عن قَتْله، وخَرَجَ من الحُجْرة، وجاء أصحابه، فأحدقوا به [وبايعه] (?) أهلُه وعَمَّاه: أبو طالب وأبو جعفر، والوزير ابنُ هُبيرة، وقاضي القُضَاة، وأرباب الدَّوْلة.

وقال ابنُ هُبيرة: كان المستنجد بالله قد بَعَثَ إليَّ خادمًا، ومعه مكتوبٌ في حياة أبيه أراد أن يستره عنه، فأخذته وقبَّلْتُه، وقلت للخادم: والله ما يمكني أَنْ أقرأه ولا أن أُجيب عنه. فأخذ في نفسه عليَّ، فلما كان في يوم المبايعة قلتُ له: يا أمير المؤمنين، أكبر الدَّليل علي نُصحي أَنَّني ما حابيتُك نُصحًا لأمير المؤمنين. فقال: صدقت، أنتَ الوزير. قلتُ: إلى متى؟ قال: إلى الممات. قلتُ: أحتاج إلى تقبيل اليد الشَّريفة، فأعطاه يده، فقبَّلها، وأَحْلَفْتُهُ على ما ضَمِنَ لي.

ثم إن الوزير خَدَمَ بعد ذلك بخيلٍ وسلاح وغِلْمانٍ ومال فيها أربعة عشر فرسًا، ومنها فرسٌ أَشْهب قيمته أربع مئة دينار، وست بغلات مثمنات، وعشر مماليك تُرْك، وثلاثة خَدَم، وعشر زَرَدِيَّات، وعشر تخوت من الثّياب، وأسفاط فيها عُود، وعنبر، ونَدٌّ ومِسْك وكافور، وسَفَط ملآن دنانير، فقَبِلَها منه، وطَيَّب قلبه.

وقبض المستنجد على أخيه أبي علي الحسن، وهو صبيٌّ، ولم يُضيِّق عليه، بل كان في ترفيه وسَعَة، وانتقم من الجواري اللواتي أَرَدْن قَتْلَه، و [لما تولى] (?) أسقط الضَّرائب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015