عالم آخر يشمت على الفقر والسؤال حتى لو فيه نيل العمياء، فينهى عن السؤال ومد اليد ولو للعمياء.
فمد اليد من العالم ذلة وانكسار نفس.
والعالم داعية الحق، فكسر نفسه بالسؤال إضعاف للحق الذي يدعو إليه.
يقول ذلك الفقير الشامخ الأبي: لا تمدن للعلياء منك يدا، حتى تقول لك العلياء: هات يدك.
وأنفذ الخليفة بمائة دينار إلى عالم، وقال لغلامه: إن قبل منك ذلك فأنت حر.
فحمل إليه فلم يقبل، فقال: اقبل ففيه عتقي.
فقال: إن كان فيه عتقك ففيه رقي.
تلا الشيخ سعيد الحلبي عالم الشام في عصره، كان في درسه مادا رجليه، فدخل عليه .. الشام إبراهيم باشا بن محمد علي صاحب مصر فلم يتحرك له ولم يقبض رجليه ولم يبدل قعدته فتألم الباشا، ولكنه كتم ألمه ولما خرج بعث إليه بصرة فيها ألف ليرة، فردها الشيخ وقال للرسول الذي جاءه بها: قل للباشا: إن الذي يمد رجليه لا يمد يده.
أما في الصغار: علامات شرف النفس ومعرفة قدرها، حتى في الصغار.
فقال وهو يجود بنفسه لابنه عبيد الله: ألا أوصي بك الأمير زيادا؟
يقول لابنه وهو يموت، وابنه صغير، يقول له: ألا أوصي بك الأمير زيادا؟
فقال: يا أبت إذا لم يكن للحي إلا وصية الميت فالحي هو الميت.
إذا كان الحي من غير الميت ليس له أي قيمة فكأنه ميت هو أيضا.
إذا لم يكن للحي إلا وصية الميت فالحي هو الميت.
وقال الشاعر في نحوه:
إذا ما الحي عاش بعظم ميت فذاك العظم حي وهو ميت