يقول القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجورجاني: يقولون لي فيك انقباض وإنما رأوا رجلا عن موقف الذل أحجم أرى الناس من داماهمو هان عندهم ومن أكرمته عزة النفس أكرم، ولم أقض حق العلم إن كان كلما بدا طمع، صيرته لي سلما، وما زلت منحازا بعرضي جانبا من الذل أعتد الصيانة مغنما وما كل برق لاح لي يستفزني ولا كل من في الأرض أرباب منعم.

إذا قيلَ: هذا مَنهلٌ قلتُ: قد أَرى ... ولكنَّ نَفْسَ الحُرِّ تحتملُ الظَّما

ولم أبتذِل في خدمةِ العلم مُهجَتي ... لأَخدِمَ من لاقيتُ لكن لأُخدما

أَأَشقى به غَرْساً وأجنيهِ ذِلَّة؟! ... إذاً فاتِّباعُ الجهلِ قد كان أحزَما

ولو أنَّ أهلَ العِلمِ صانوه صانَهم ... ولو عظَّموهُ في النُّفوسِ تَعَظَّما

ولكن أذلوه فهانَ ودنّسوا ... مُحيّاهُ بالأطماعِ حتى تَجهَّما

وكان عطاء بن أبي رباح عبدا أسودا لامرأة من أهل مكة، وكان أنفه كأنه باقلاء.

-نبات كالبازلاء أو شيء كهذا.

وجاء سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين إلى عطاء هو وابناه، فجلسوا إليه

وهو يصلي، فلما صلى انفتل إليهم فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج، وقد حول قفاه إليهم.

-هم يسألون وهو يجيبهم وقد أعطاهم يعني ظهره.

ثم قال سليمان لابنيه بعدما أخذا الفتاوى: قوما، فقاما.

فقال: يا ابني لا تنيا –لا تكسلا- بالعلم فإني لا أنسى ذلنا بين يدي هذا العبد الأسود.

الإمام العز الدين بن عبد السلام كان إذ قرأ القارئ عليه كتاب وانتهى إلى آخر باب من أبوابه لا يقف عليه، بل يأمره أن يقرأ من الباب الذي بعده، ولو سطرا.

ويقول: لا أشتهي أن أكون ممن يقف على الأبواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015